ويعقب على هذا بفردية التبعة ، وعدالة الجزاء ، وتوكيد الرجوع إلى الله وحده في نهاية المطاف :
( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ، ثم إلى ربكم ترجعون ) . .
بذلك يتسع صدر المؤمن ، ويرتفع شعوره ؛ ويحتمل المساءات الفردية والنزوات الحمقاء من المحجوبين المطموسين ، في غير ضعف ، وفي غير ضيق . فهو أكبر وأفسح وأقوى . وهو حامل مشعل الهدى للمحرومين من النور ، وحامل بلسم الشفاء للمحرومين من النبع ، وهو مجزيٌّ بعمله ، لا يصيبه من وزر المسيء شيء . والأمر لله في النهاية ، وإليه المرجع والمآب .
{ من عمل صالحاً فلنفسه } : أي فهو الذي يرحم ويسعد به .
{ ومن أساء فعليها } : أي ومن عمل سوءاً فالعقوبة تحل به لا بغيره .
{ ثم إلى ربكم ترجعون } : أي يعد الموت ، ويحكم بينكم فيما كان بينكم من خلاف وأذى .
وقوله تعالى : { من عمل صالحاً فلنفسه } أي من عمل صالحاً في هذه الحياة الدنيا من إيمان وطاعة لله ورسوله في أوامرهما ونواهيهما فزكت بذلك نفسه وتأهل لدخول الجنة ، فإن الله يدخله الجنة ويكون عمله الصالح قد عاد عليه ولم يعد على غيره ، إن الله غني عن عمل عباده ، وغير العامل لا تطهر نفسه ولا تزكو بعمل لم يباشره بنفسه ، وقوله ومن أساء أي في حياته فلم يؤمن ولم يعمل صالحاً يزكي به نفسه ، فجزاء كسبه السيء من الشرك والمعاصي عائد على نفسه عذاباً في النار وخلوداً فيها .
وقوله تعالى : { ثم إلى ربكم ترجعون } أي إنكم أيها الناس بعد هذه الحياة وما عملتم فيها من صالح وسيء ترجعون إلى الله يوم القيامة ويجزيكم كلاً بحسب عمله الخير بالخير والشر بمثله .
ولما رغب سبحانه ورهب وتقرر أنه لا بد من الجزاء ، زاد في الترغيب و-{[58049]}الترهيب بأن النفع والضر لا يعدوهم فقال شارحاً للجزاء : { من عمل صالحاً } قل أو جل { فلنفسه } أي خاصة عمله يرى جزاءه في الدنيا {[58050]}أو في{[58051]} الآخرة { ومن أساء } أي{[58052]} كذلك {[58053]}إساءة قلت أو جلت{[58054]} { فعليها } خاصة إساءته كذلك ، وذلك في غاية الظهور ؛ لأنه لا يسوغ في عقل عاقل أن ملكاً يدع{[58055]} عبيده من غير جزاء ولا سيما إذا كان حكيماً ، وإن كانت نقائص النفوس{[58056]} قد غطت على كثير من العقول ذلك ، ومن جزائه أنه يديل{[58057]} المسيء على المحسن لهفوة{[58058]} وقعت له{[58059]} ليراجع حاله بالتوبة .
ولما كان سبحانه قادراً{[58060]} لا يفوته شيء كان بحيث لا يعجل فأخر الجزاء {[58061]}إلى اليوم{[58062]} الموعود : { ثم } أي بعد الابتلاء بالإملاء{[58063]} في الدنيا والحبس في البرزخ { إلى ربكم } أي المالك لكم وحده لا إلى غيره { ترجعون * } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.