في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

وعند هذا الحد من فضح حقيقة حالهم المنكرة ، بعد تصوير خطأ تصورهم في الابتلاء بالمنع والعطاء ، يجيء التهديد الرعيب بيوم الجزاء وحقيقته ، بعد الابتلاء ونتيجته ، في إيقاع قوي شديد :

" كلا . إذا دكت الأرض دكا دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ؟ يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد " . .

ودك الأرض ، وتحطيم معالمها وتسويتها ؛ وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع في يوم القيامة . فأما مجيء ربك والملائكة صفا صفا ، فهو أمر غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الآرض . ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول . كذلك المجيء بجهنم . نأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى . فأما حقيقة ما يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم .

إنما يرتسم من وراء هذه الآيات ، ومن خلال موسيقاها الحادة التقسيم ، الشديدة الأسر ، مشهد ترجف له القلوب ، وتخشع له الأبصار . والأرض تدك دكا دكا !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

دُكت الأرض دَكًّا دَكًّا : مهّدها وسوى العالي والنازل سواء .

ارتدِعوا عن تلك الأفعال ، فأمامَكم أهوالٌ عظيمة يوم القيامة حين تُزلزَل الأرضُ ولا يبقى على وجهها بناء قائم ، وتحطَّم معالمها . ( وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع يوم القيامة ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

{ كلا } ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر { إذا دكت الأرض دكا دكا } اذا زلزلت الأرض فكسر بعضها بعضا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

قوله تعالى : " كلا " أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر . فهو رد لانكبابهم على الدنيا ، وجمعهم لها ، فإن من فعل ذلك يندم يوم تدك الأرض ، ولا ينفع الندم . والدك : الكسر والدق ، وقد تقدم{[16057]} . أي زلزلت الأرض ، وحركت تحريكا بعد تحريك . وقال الزجاج : أي زلزلت فدك بعضها بعضا . وقال المبرد : أي ألصقت وذهب ارتفاعها . يقال ناقة دكاء ، أي لا سنام لها ، والجمع دُكٌّ . وقد مضى في سورة " الأعراف " و " الحاقة " القول في هذا . ويقولون : دك الشيء أي هدم . قال :

هل غير غارٍ دَكَّ غاراً فانْهَدَمْ{[16058]}

" دكا دكا " أي مرة بعد مرة ، زلزلت فكسر بعضها بعضا ، فتكسر كل شيء على ظهرها . وقيل : دكت جبالها وأنشازها حتى استوت . وقيل : دكت أي استوت في الانفراش ، فذهب دورها وقصورها وجبالها وسائر أبنيتها . ومنه سمي الدكان ، لاستوائه في الانفراش . والدك : حط المرتفع من الأرض بالبسط ، وهو معنى قول ابن مسعود وابن عباس : تمد الأرض مد الأديم .


[16057]:راجع جـ 7 ص 278 و جـ 11 ص 63 و جـ 18 ص 264.
[16058]:الغار: الجمع الكثير من الناس.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

ولما كان السياق هادياً إلى أن التقدير : يحسبون أن ذلك يوفر أموالهم ويحسن أحوالهم ويصلح بالهم ، زجر عنه بمجامع الزجر فقال : { كلا } أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ، ثم استأنف ذكر ما يوجب ندمهم وينبههم من رقدتهم ويعرفهم أن حب المال لا يقتضي نموه ، ولو اقتضى نموه ما اقتضى إيجابه للسعادة فقال : { إذ دكت الأرض } أي حصل دكها ورجها وزلزلتها لتسويتها فتكون كالأديم الممدود بشدة المط لا عوج فيها بوجه ، وأشار بالبناء للمفعول إلى سهولة ذلك لأن الأمر عظيم لعظمة الفاعل الحق ، ولذلك قال : { دكاً دكاً * } أي مكرراً بالتوزيع على كل موضع ذاتٍ فيها ، فيكون لكل جبل وأكمة وثنية وعقبة دك يخصه على حدته ليفيد ذلك أنه دك مبالغ فيه فتصير جبالها وأكمامها هباءً منثوراً ثم تستوي حتى لا يكون فيها شيء من عوج ، وهو كناية عن زلازل عظيمة لا تحملها الجبال الرواسي فيكف بغيرها .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

قوله تعالى : { كلا إذا دكّت الأرض دكّا دكّا 21 وجاء ربك والملك صفا صفا 22 وجيئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذكرى 23 يقول ياليتني قدمت لحياتي 24 فيومئذ لا يعذب عذابه أحد 25 ولا يوثق وثاقه أحد 26 ياأيتها النفس المطمئنة 27 ارجعي إلى ربك راضية مرضية 28 فادخلي في عبادي 29 وادخلي جنتي } .

وهذه جملة أخرى من أخبار الساعة وما يقع فيها من شديد الأهوال . وهي اندكاك الأرض بتزلزلها ورجّها واضطرابها . ثم اصطفاف الملائكة صفا بعد صف مذعنين لله طائعين . ثم المجيء بجهنم على مشهد من العالمين أجمعين . وحينئذ يستيئس المجرمون وتتقطع فيهم القلوب من شدة الهول وفرط الخوف . وهو قوله : { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا } كلا ردع لهم وإنكار لفعلهم . ثم توعدهم بما يعاينونه يوم القيامة من الشدائد . وهو قوله : { إذا دكت الأرض دكا دكا } دكا ، منصوب على المصدر المؤكد . ودكا الثانية للتأكيد{[4814]} يعني : إذا رجّت الأرض وزلزلت زلزالا بعد زلزال .


[4814]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 512.