في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

57

وفي ظل هذه المشاعر الراجفة الواجفة الآسية الآسفة يجيء التحدي الذي يقطع كل قول وينهي كل جدال :

( فلولا إن كنتم غير مدينين : ترجعونها إن كنتم صادقين ! )

فلو كان الأمر كما تقولون : إنه لا حساب ولا جزاء . فأنتم إذن طلقاء غير مدينين ولا محاسبين .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

75

المفردات :

المنخرين . وفتحتا الأذنين ، وفتحة الحنجرة ، وهي مجرى الطعام والشراب والنّفس .

غير مدينين : غير مربوبين مقهورين .

التفسير :

86-87- { فَلَوْلاَ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ( 86 ) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .

تقيم الآيات الأدلة على عجز المخلوق ، وقدرة الخالق ، أي : إذا أنكرتم ألوهية الله وقدرته على البعث والحشر ، والحساب والجزاء ، فأمامكم دليل عملي : حين تبلغ الروح الحلقوم ، وأنتم تشاهدون أقرب الناس إليكم يعالج سكرات الموت ، وأنتم عاجزون تماما عن إعادته إلى الدنيا .

هلا أيقنتم أن الذي يفعل ذلك ، ويقدر على الموت والحياة إله واحد ، وهو القائل في كتابه : { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور } . ( الملك : 1-2 ) .

وخلاصة المعنى :

هلاّ إن كنتم غير خاضعين لقدرتنا ترجعون روح الميت إلى جسده إن كنتم صادقين في اعتقادكم بأنه لا بعث ولا حساب ، أو في توهمكم بأن هناك قوة أخرى غير الله ، يمكنها أن تساعدكم في الشدائد والمحن .

وهكذا نجد الآيات تتحدّى الكافرين ، بل البشر أجمعين أن يعيدوا الروح إلى أحب الناس إليهم ، وهم واقفون حوله وقفة الحائر المستسلم العاجز عن فعل أي شيء من شأنه أن يدفع الموت ، أو يؤخر خروج الروح ولو لزمن قليل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

قوله تعالى : { فلولا } فهلا { إن كنتم غير مدينين } مملوكين ، وقال أكثرهم : محاسبين ومجزيين .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم قال: {فلولا} يعني فهلا {إن كنتم غير مدينين} يعني غير محاسبين، نظيرها في فاتحة الكتاب {مالك يوم الدين} [الفاتحة:1] يعني يوم الحساب، وقال في: {أرأيت الذين يكذب بالدين} [الماعون:1] يعني بالحساب، وقال في الذاريات: {إن الدين لواقع} [الآية:6] يعني الحساب لكائن، وقال أيضا في الصافات: {أإنا لمدينون} [الآية:3] يعني إنا لمحاسبون...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فهلاّ إن كنتم أيها الناس غير مدينين.

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"مَدِينِينَ"؛

فقال بعضهم: غير محاسبين...

وقال آخرون: معناه: غير مبعوثين...

وقال آخرون: بل معناه: غير مجزيين بأعمالكم.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: غير محاسبين فمجزيين بأعمالكم من قولهم: كما تدين تدان، ومن قول الله: "مالِكِ يَوْمِ الدّينِ".

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

. {إن كنتم غير مدينين} أنكم غير مملوكين. فإذا كنتم عندكم غير مملوكين تكونون مالكين؛ إذ ليس إلا المملوك والمالك. فإذا لم تكونوا مملوكين تكونون مالكين، فتملكون ردها إلى ما كانت فيها، فإذا لم تملكوا كنتم مملوكين، والله اعلم.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{فَلَوْلاَ إِن كُنْتُم غَيْرَ مَدِينِينَ}: غير مقهورين...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: أكثر المفسرين على أن (لولا) في المرة الثانية مكررة وهي بعينها هي التي قال تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} ولها جواب واحد، وتقديره على ما قاله الزمخشري: فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم، أي إن كنتم غير مدينين، وقال بعضهم: هو كقوله تعالى: {فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم} حيث جعل فلا خوف جزاء شرطين، والظاهر خلاف ما قالوا، وهو أن يقال: جواب لولا في قوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} هو ما يدل عليه ما سبق يعني تكذبون مدة حياتكم جاعلين التكذيب رزقكم ومعاشكم (فلولا تكذبون) وقت النزع وأنتم في ذلك الوقت تعلمون الأمور وتشاهدونها، وأما لولا في المرة الثانية فجوابها: {ترجعونها}.

المسألة الثانية: في {مدينين} أقوال منهم من قال: المراد مملوكين، ومنهم من قال: مجزيين، وقال الزمخشري: من دانه السلطان إذا ساسه، ويحتمل أن يقال: المراد غير مقيمين من مدن إذا أقام، هو حينئذ فعيل، ومنه المدينة، وجمعها مدائن، من غير إظهار الياء، ولو كانت مفعلة لكان جمعها مداين كمعايش بإثبات الياء، ووجهه أن يقال: كان قوم ينكرون العذاب الدائم، وقوم ينكرون العذاب ومن اعترف به كان ينكر دوامه، ومثله قوله تعالى: {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة}. قيل: إن كنتم على ما تقولون لا تبقون في العذاب الدائم فلم لا ترجعون أنفسكم إلى الدنيا إن لم تكن الآخرة دار الإقامة، وأما على قوله: (مجزيين) فالتفسير مثل هذا كأنه قال: ستصدقون وقت النزع رسل الله في الحشر، فإن كنتم بعد ذلك غير مجزيين فلم لا ترجعون أنفسكم إلى دنياكم، فإن التعويق للجزاء لا غير، ولولا الجزاء لكنتم مختارين كما كنت في دنياكم التي ليست دار الجزاء مختارين تكونون حيث تريدون من الأماكن، وأما على قولنا: مملوكين من الملك، ومنه المدينة للملوكة، فالأمر أظهر بمعنى أنكم إذا كنتم لستم تحت قدرة أحد، فلم لا ترجعون أنفسكم إلى الدنيا كما كنتم في دنياكم التي ليست دار جزاء مع أن ذلك مشتهى أنفسكم ومنى قلوبكم، وكل ذلك عند التحقيق راجع إلى كلام واحد، وأنهم كانوا يأخذون بقول الفلاسفة في بعض الأشياء دون بعض، وكانوا يقولون بالطبائع، وأن الأمطار من السحب، وهي متولدة بأسباب فلكية، والنبات كذلك، والحيوان كذلك، ولا اختيار لله في شيء وسواء عليه إنكار الرسل والحشر، فقال تعالى: إن كان الأمر كما يقولون فما بال الطبيعي الذي يدعى العلم لا يقدر على أن يرجع النفس من الحلقوم، مع أن في الطبع عنده إمكانا لذلك، فإن عندهم البقاء بالغداء وزوال الأمراض بالدواء، وإذا علم هذا فإن قلنا: {غير مدينين} معناه غير مملوكين رجع إلى قولهم من إنكار الاختيار وقلب الأمور كما يشاء الله، وإن قلنا: غير مقيمين فكذلك، لأن إنكار الحشر بناء على القول بالطبع، وإن قلنا: غير محاسبين ومجزيين فكذلك، ثم لما بين أن الموت كائن والحشر بعده لازم، بين ما يكون بعد الحشر ليكون ذلك باعثا للمكلف على العمل الصالح، وزاجرا للمتمرد عن العصيان والكذب فقال: {فأما إن كان من المقربين، فروح وريحان وجنة نعيم}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

وأصل تركيب (دان) للذل والانقياد...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(فلولا إن كنتم غير مدينين: ترجعونها إن كنتم صادقين!) فلو كان الأمر كما تقولون: إنه لا حساب ولا جزاء. فأنتم إذن طلقاء غير مدينين ولا محاسبين...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

{ فلولا إن كنتم غير مدينين } مملوكين ومجزيين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

قوله تعالى : " فلولا إن كنتم غير مدينين " أي فهلا إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين بأعمالكم ، ومنه قوله تعالى : " أإنا لمدينون " [ الصافات : 53 ] أي مجزيون محاسبون . وقد تقدم{[14687]} . وقيل : غير مملوكين ولا مقهورين . قال الفراء وغيره : دنته ملكته ، وأنشد للحطيئة :

لقد دُيِّنْتِ{[14688]} أمرَ بَنِيكِ حتى *** تركتِهم أدَقّ من الطَّحِينِ

يعني ملكت . ودانه أي أذله واستعبده ، يقال : دنته فدان . وقد مضى في " الفاتحة{[14689]} " القول في هذا عند قوله تعالى : " يوم الدين " .


[14687]:راجع جـ 15 ص 82.
[14688]:ويروى: سوست، يخاطب أمه.
[14689]:راجع جـ 1 ص 143.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

ولما كان الكلام لإثبات هذه الأغراض المهمة قبل جواب " لولا " أعادها تأكيداً لها وتبييناً فقال : { فلولا إن كنتم } أيها المكذبون بالبعث وغيره { غير مدينين * } أي مقهورين مملوكين مجربين محاسبين بما عملتم في دار البلاء التي أقامكم فيها أحكم الحاكمين بامتناعكم بأنفسكم عن أن يجازيكم أو يمنع غيركم لكم منه ، وأصل تركيب ( دان ) للذل والانقياد - قاله البيضاوي

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

{ فلولا إن كنتم غير مدينين }

{ فلولا } فهلا { إن كنتم غير مدينين } مجزيين بأن تبعثوا ، أي غير مبعوثين بزعمكم .