في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (30)

( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) . .

وهذه تعني طهارة النفس والجماعة ، فالإسلام يريد مجتمعا طاهرا نظيفا ، وفي الوقت ذاته ناصعا صريحا . مجتمعا تؤدى فيه كل الوظائف الحيوية ، وتلبي فيه كل دوافع الفطرة . ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل ، وبغير التواء يقتل الصراحة النظيفة . مجتمعا يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة القوائم . وعلى البيت العلني الواضح المعالم . مجتمعا يعرف فيه كل طفل أباه ، ولا يخجل من مولده . لا لأن الحياء منزوع من الوجوه والنفوس . ولكن لأن العلاقات الجنسية قائمة على أساس نظيف صريح ، طويل الأمد واضح الأهداف ، يرمي إلى النهوض بواجب إنساني واجتماعي ، لا لمجرد إرضاء النزوة الحيوانية والشهوة الجنسية !

ومن ثم يذكر القرآن هنا من صفات المؤمنين( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) . .

فيقرر نظافة الاتصال بالأزواج وبما ملكت الأيمان - من الإماء حين يوجدن بسبب مشروع - والسبب المشروع الوحيد الذي يعترف به الإسلام هو السبي في قتال في سبيل الله . وهي الحرب الوحيدة التي يقرها الإسلام - والأصل في حكم هذا السبي هو ما ذكرته آية سورة محمد : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ، فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها )ولكن قد يتخلف بعض السبي بلا من ولا فداء لملابسات واقعية ؛ فهذا يظل رقيقا إذا كان المعسكر الآخر يسترق أسرى المسلمين في أية صورة من صور الرق - ولو سماه بغير اسمه ! - ويجوز الإسلام وطء الإماء عندئذ من صاحبهن وحده ، ويجعل عتقهن موكولا إلى الوسائل الكثيرة التي شرعها الإسلام لتجفيف هذا المورد . ويقف الإسلام بمبادئه صريحا نظيفا لا يدع هؤلاء الأسيرات لفوضى الاختلاط الجنسي القذر كما يقع لأسيرات الحروب قديما وحديثا ! ولا يتدسس ويلتوي فيسميهن حرات وهن إماء في الحقيقة !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (30)

19

29 ، 30- والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين .

أباح الإسلام الاتصال الجنسي بين الزوج والزوجة ، ورسم لذلك نظاما وآدابا ، مثل عقد الزواج الصحيح ، والنفقة والعشرة بالمعروف ، وطاعة الزوجة لزوجها ، وقيام الزوج بواجباته ، والزوجة بواجباتها .

وفي هذه الآية ما يفيد أن المؤمنين من صفاتهم حفظ فروجهم عن الزنا واللواطة ، وبعدهم عن الفاحشة ، لكن الله أباح لهم إشباع رغبتهم وجماع زوجاتهم اللائي أحلهن الله لهم .

أو ما ملكت أيمانهم . وهن الأسيرات من الجهاد في سبيل الله ، يباح لمن ملكها أن يستبرئ رحمها ليتأكد من خلوّها من الحمل ، وله جماعها بعد العدّة ، فإذا حملت صارت أم ولد ، أعتقها ولدها ، ونهى الإسلام عن بيع أمّهات الأولاد ، وهذه العلاقة الصريحة النظيفة من محاسن الإسلام ، حيث أباح الزواج الشرعي والتّسرّي بملك اليمين ، وقد نظر الإسلام إلى الرّق نظرته إلى نهر يجري ، فضيّق المنابع ووسّع المصبّات ، وكان ذلك حريّا بأن يجفّ نهر الرق ، والآن . . انتهى الرقّ بحمد الله مدنيّا ودينيّا .

لكن التقارير تشير إلى أن هناك تجارة رائجة كبيرة ، هي ثالث تجارة في العالم ، بعد تجارتي السّلاح والمخدّرات ، تلك التجارة هي تجارة الرقيق الأبيض ، تباع فيها ملايين النساء والأطفال والبنات ، بقصد الاتجار في الجنس ، وهناك عصابات دولية تحدد ثمن كل فتاة وكل ولد وكل امرأة .

والقرآن نزل والزنا منتشر ، فحرّم الزّنا واللواط والمثلية الجنسية ، وشجّع الزّواج الحلال ، والعلاقات النظيفة الواضحة .

قال تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون* إلى على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين .

فهم لديهم شهوة ورغبة وقوّة ، لكنهم يحفظون فروجهم عن الحرام ، ولا يبيحون لأنفسهم الجماع إلا مع زوجاتهم الشرعيات ، أو جواريهم اللاتي يملكونهنّ بملك اليمين الذين كان معاملة بالمثل لمن يحاربهم الإسلام في بلاد الفرس والروم وغيرهما ، وكان الإسلام مضطرّا أن يعامل أسيرات الحرب بمثل ما تعامل به الأسيرات المسلمات في تلك البلاد ، ومع ذلك وصّى القرآن بالرقيق ، وحث على العتق ، وجعل عتق الرقيق كفارة لأخطاء يتكرر وقوعها في المجتمع ، مثل كفارة الظهار ، والحنث في اليمين ، والقتل الخطأ ، وغير ذلك .

إن غيرنا يبيح تعدد العشيقات والعشّاق ، أما الإسلام فلا يبيح إلا علاقة شرعية نظيفة أمينة واضحة .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (30)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (30)

ولما ذكر هذا الحفظ على هذا الوجه ، ذكر ما أذن فيه في أسلوب الاستثناء إشعاراً بأنه كأنه لم يذكر فيخرج إلا بعد تقرير عموم الحفظ {[68416]}لا أنه{[68417]} مقصود ابتداء بقصد الصفة فقال : { إلا على أزواجهم } أي بعقد النكاح .

ولما قدمهن لشرفهن وشرف الولد{[68418]} بهن أتبعه قوله : { أو ما } عبر{[68419]} بما هو الأغلب لغير العقلاء ندباً إلى إيساع البطان في احتمالهن { ملكت أيمانهم } أي من السراري اللاتي هن محل الحرث والنسل اللاتي هن{[68420]} أقل عقلاً{[68421]} من الرجال .

ولما كان الناكح عبادة نادراً جداً ، وكان الأصل في العبادة الخروج عن العادة ، وإن لم يتجرد للعبادة كن ملوماً ، اكتفى في مدحه بنفي اللوم عنه ، وأكده لأن الأصل كان استحقاقه للملام لإقباله على تحصيل ما له من المرام فقال مسبباً عن المستثنى : { فإنهم } أي بسبب إقبالهم بالفروج عليهن وإزالة الحجاب من أجل ذلك { غير ملومين * } أي في الاستمتاع بهن من لائم ما - كما نبه عليه بالبناء للمفعول - فهم يصحبونهن قصداً للتعفف وصون النفس وابتغاء الولد للتعاون على طاعة الله .


[68416]:- من ظ وم، وفي الأصل: لأنه.
[68417]:- من ظ وم، وفي الأصل: لأنه.
[68418]:- من ظ وم، وفي الأصل: الوالد.
[68419]:- من ظ وم، وفي الأصل: أي.
[68420]:- من ظ وم، وفي الأصل: هي.
[68421]:- من ظ وم في الأصل: العقلاء.