في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

1

ثم يعقب بعرض صفحات من كتاب التاريخ البشري بعد عرض تلك الصفحات من كتاب الكون ، تنطق بمآل المكذبين الذين ماروا كما يماري هؤلاء المشركون في قضية البعث ، وكذبوا كما يكذبون بالرسل ، فحق عليهم وعيد الله الذي لا مفر منه ولا محيد :

( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود ، وعاد وفرعون وإخوان لوط ، وأصحاب الأيكة ، وقوم تبع . كل كذب الرسل فحق وعيد . أفعيينا بالخلق الأول ? بل هم في لبس من خلق جديد ) . .

والرس : البئر : المطوية غير المبنية . والأيكة : الشجر الملتف الكثيف . وأصحاب الأيكة هم - في الغالب - قوم شعيب . أما أصحاب الرس فلا بيان عنهم غير هذه الإشارة . وكذلك قوم تبع . وتبع لقب لملوك حمير باليمن . وبقية الأقوام المشار إليهم هنا معروفون لقاريء القرآن .

وواضح أن الغرض من هذه الإشارة السريعة ليس تفصيل أمر هذه الأقوام . ولكنه إيقاع على القلوب بمصارع الغابرين . حين كذبوا الرسل . والذي يلفت النظر هو النص على أن كلا منهم كذب الرسل : ( كل كذب الرسل فحق وعيد ) . وهي لفتة مقصودة لتقرير وحدة العقيدة ووحدة الرسالة . فكل من كذب برسول فقد كذب بالرسل أجمعين ؛ لأنه كذب بالرسالة الواحدة التي جاء بها الرسل أجمعون . والرسل إخوة وأمة واحدة وشجرة ضاربة الجذور في أعماق الزمان ، وكل فرع من تلك الشجرة تلخيص لخصائصها ، وصورة منها . ومن يمس منها فرعا فقد مس الأصل وسائر الفروع . . ( فحق وعيد )ونالهم ما يعرف السامعون !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

12

المفردات :

كذبت : أنث الفعل لأن : { قوم } . اسم جنس ، بمعنى الجماعة ، فإذا ذُكّر فعلى معنى الجمع ، وإذا أنث فعلى معنى الجماعة .

الرس : البئر التي لم تطو ، أي : لم تبن .

التفسير :

12 – { كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود } .

لم تكن أنت بدعا من الرسل ، ولم يكن تكذيب قومك بدعا من تكذيب أقوام الرسل ، فقد كذب قوم نوح نوحا فأهلكهم الله بالطوفان ، وأصحاب الرس – وهي البئر التي لم تُبن ، وقد قيل : إنهم من بقايا قبيلة ثمود- بعث الله إليهم واحدا من أنبيائه ، فكذبوه ورسّوه في تلك البئر ، أي ألقوا به فيها ، فأهلكهم الله سبحانه بسب ذلك .

وقيل : هم الذين قتلوا حبيبا النجار ، عندما جاءهم يدعوهم إلى الدين الحق ، وكانت تلك البئر بأنطاكية ، وبعد قتلهم له ألقوه فيها .

وقيل : هم قوم شعيب عليه السلام ، واختار ابن جرير الطبري أن أصحاب الرس هم أصحاب الأخدود ، الذين جاء الحديث عنهم في سورة البروج .

والمراد بثمود : قوم صالح عليه السلام ، وكانوا يسكنون في شمال جزيرة العرب ، وقد مر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى غزوة تبوك ، فحنى رأسه واستحث راحلته ، وأسرع بالجيش ، وقال لمن معه : ( لا تمروا على قرى القوم الذين ظلموا أنفسهم ، إلا وأنتم مشفقون أن يصيبكم ما أصابهم )6 .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

{ كذبت قبلهم قوم نوح . . . } بيان لكون البعث مما أجمع الرسل على حقيته . وتهديد

لكفار مكة . وفيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم بأن شأنه مع قومه في ذلك شأن الرسل السابقين مع أقوامهم ؛ والعاقبة للصابرين . { وأصحاب الرس } البئر التي كانوا مقيمين حولها [ آية 38 الفرقان ص 99 ] .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

الرسّ : البئر التي لم تبنَ بالحجارة . وأصحاب الرسّ : قوم شعيب .

بعد أن ذكر اللهُ تعالى تكذيبَ المشركين للنبيّ ، ذكر المكذِّبين للرسُل من الأقوام السابقة مثل قوم نوحٍ وأصحابِ الرسّ وثمود .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

قوله تعالى : " كذبت قبلهم قوم نوح " أي كما كذب هؤلاء فكذلك كذب أولئك فحل بهم العقاب ، ذكرهم نبأ من كان قبلهم من المكذبين وخوفهم ما أخذهم . وقد ذكرنا قصصهم في غير موضع عند ذكرهم . " كل كذب الرسل " من هذه الأمم المكذبة . " فحق وعيد " أي فحق عليهم وعيدي وعقابي .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

ولما وصل الأمر إلى حد لا خفاء معه ، فصح أنهم يعلمون ذلك ولم يحملهم على التصريح بالتكذيب به إلا المبادرة إلى ذلك بغلبة الهوى من غير تأمل لعاقبته ، فصار من باب لزوم الغلط ، وكان السياق لإنكار البعث الذي جاء به منذر من القوم المنذرين ، كان كأنه قيل : إن إنكار هؤلاء أعجب ، فهل وقع هذا لأحد قط ، فقال تعالى مسلياً لهذا النبي الكريم لأن المصيبة إذا عمت هانت ، مبيناً لمجد القرآن ولمجد آياته تحقيقاً للإنذار وتحذيراً به لا للنصيحة : { كذبت } وسم الفعل بالتاء إشارة إلى هوانهم في جنب هذا المجد ولما كان هؤلاء الأحزاب المذكورون لقوتهم وكثرتهم كأنهم أهل المجد قاطبة قد استغرقوا زمانها ومكانها ، أسقط الجارّ فقال : { قبلهم } .

ولما لم تكن لهم شهرة يعرفون بها قال : { قوم نوح } وأشار إلى عظيم التسلية بأنهم جاءهم منذر منهم ، وكانوا في القوة في القيام فيما يحاولونه والكثرة بحيث لا يسع الأفهام جميع أوصافهم ، فآذوا رسولهم وطال أذاهم قريباً من عشرة قرون ولما كان آخر أمرهم أنه التقى عليهم الماءان : ماء السماء ، وطلع إليهم{[61117]} ماء الأرض فأغرقهم ، أتبعهم من طائفتهم قصتهم بأن نزل بهم الماء فأوبقهم لما بين حاليهم من الطباق{[61118]} دلالة على عظيم القدرة والفعل بالاختيار فقال : { وأصحاب الرس } أي البئر التي تقوضت بهم فخسفت مع ما حولها فذهبت بهم وبكل ما لهم كما ذكرت قصتهم في الفرقان . ولما كانت آية قوم-{[61119]} صالح من أعظم الدلالات على القدرة على البعث ، وكان إهلاكهم مناسباً لإهلاك من قبلهم ، أما لأصحاب الرس فكان بالرجفة التي هي على{[61120]} مبدأ الخسف ، وأما لقوم نوح فلأن الرجفة تأثرت عن الصيحة التي حملتها الريح التي من شأنها حمل السحاب الحامل للماء ، أتبعهم بهم ، وكانوا{[61121]} أصحاب بئر ولم يخسف بهم فقال : { وثمود * }


[61117]:من مد، وفي الأصل: عليهم.
[61118]:من مد، وفي الأصل: الطبقات.
[61119]:زيد من مد.
[61120]:زيد من مد.
[61121]:من مد، وفي الأصل: كان.