المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

{ وأصحاب الرس } قوم كان لهم بئر عظيمة وهي { الرس } ، وكل ما لم يطو من بئر أو معدن أو نحوه فهو رسّ . وأنشد أبو عبيدة للنابغة الجعدي :

سبقت إلى قرطبا هل . . . تنابلة يحفرون الرساسا{[10523]}

وجاءهم نبي يسمى حنظلة بن صفوان فيما روي فجعلوه في { الرس } وردموا عليه . فأهلكهم الله ، وقال كعب الأحبار في كتاب الزهراوي : { أصحاب الرس } هم أصحاب الأخدود وهذا ضعيف . لأن أصحاب الأخدود لم يكذبوا نبياً ، إنما هو ملك أحرق قوماً . وقال الضحاك { الرس } : بئر قتل فيها صاحب ياسين ، قال منذر وروي عن ابن عباس أنهم قوم عاد .


[10523]:البيت في اللسان، والفرط-بفتح الفاء والراء-: القوم يتقدمون إلى الماء قبل الوارد فيهيئون لهم الدلاء والأرسان ويملئون الحياض ويستقون لهم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أنا فَرَطُكم على الحوض) بمعنى: أنا المتقدم منكم إليه يوم القيامة، والناهل هو الشارب وإن شئت العطشان،(انظر اللسان)، ويروى"باهل" بالباء، وهكذا هي في الطبري، ومعناها المتردد بلا عمل، والنَّاهل أنسب للمعنى هنا، والتنابلة جمع تنبل على وزن جعفر، وهو الرجل القصير، ولعل ذلك يشير إلى كسل أو عجز عن العمل، والرساس جمع رس، والَّرسُّ: البئر القديمة، أو هي المعدن، أي المنجم الذي يستخرج منه المعادن، وابن عطية يستشهد بالبيت هنا على أن كل ما حُفِر من بئر أو قبر أو منجم يُسمى رسّا، فإذا عرشت البئر بالحجارة فهي طوي.