تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

الآية 12 و13 و14 وقوله تعالى : { كذّبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرّسّ وثمود } { وعاد وفرعون وإخوان لوط } { وأصحاب الأيكة وقوم تُبّع كل كذّب الرسل فحق وعيد } ذكر هذه الأنباء لوجهين :

أحدهما : يصبّر رسوله صلى الله عليه وسلم على أذى قومه وتكذيبهم إياه كما صبّر أولئك ؛ يقول : إنك لست بأول رسول ، كذّبه قومه ، بل كان قبلك رسل ، كذّبهم قومهم ، فصبروا على ذلك ، فاصبر أنت أيضا ، وهو كقوله : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] .

والثاني : يحذّر قومه أن ينزل بتكذيبهم إياه وسوء معاملتهم به كما نزل بمن ذكر من الأقوام بتكذيبهم وسوء معاملتهم .

وعلى هذين المعنيين جمع ما ذكر في القرآن من الأنباء ، والله أعلم .

ثم أصحاب الرّسّ : اختُلف في الرّسّ . [ قال بعضهم : ]{[19743]} هو بئر دون اليمامة ، وكان عندها أقوام ، كذّبوا رسلهم ، فأهلكم الله تعالى . وقيل : الرّسّ ، هو الوادي . وقال [ بعضهم ]{[19744]} : الرّسّ ، هو خدٌّ خدّوه ، وجعلوا فيه النار ، وأحرقوا فيها نبيهم عليه السلام . وقال بعضهم : سمّوا بذلك لأنهم رسّوا نبيهم عليه السلام في البئر . وقال بعضهم : هم قوم الرسل الذين ذكرهم في سورة يس بقوله تعالى : { إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما فعزّزنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون } [ يس : 14 ] .

وعن الأصم أنه قال : الرّسّ كل موضع ، خُدَّ فيه ، ولذلك سُمي الخدّ خدّا لجري الدمع عليه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإخوان لوط } أي قوم لوط .

وقوله تعالى : { وقوم تُبّع } قيل : إنه كان رجلا مسلما صالحا ، مدحه الله تعالى ، وذمّ قومه ، سُمّي تُبّعا لكثرة أتباعه . ولا حاجة بنا إلى تفسيره بأنه [ من ]{[19745]} كان ؟ وما اسمه ؟ كما ذكر بعض أهل التأويل لما لم يُذكر في القرآن ، ولم يثبت بالتواتر ، فلا نزيد على ذلك القدر احترازا عن الكذب ، والله أعلم .


[19743]:ساقطة من الأصل وم.
[19744]:ساقطة من الأصل وم.
[19745]:من م، ساقطة من الأصل.