{ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .
إن هذا النعيم المعنوي الذي يتحقق بقربهم من ربهم ، والنعيم الحسي الذي يتحقق بالنعيم في الجنة والأسرّة والولدان ، والأكواب والأباريق والخمر ، والفاكهة ولحم الطير ، والحور العين المحفوظة لهم ، هذا النعيم المتنوع في التكريم هو الجزاء الحسن على أعمال صالحة قدموها في الدنيا ، كما قال تعالى : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } . ( الرحمن : 60 ) .
" جزاء بما كانوا يعملون " أي ثوابا ونصبه على المفعول له . ويجوز أن يكون على المصدر ؛ لأن معنى " يطوف عليهم ولدان مخلدون " يجازون . وقد مضى الكلام في الحور العين في " والطور{[14636]} " وغيرها . وقال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خلق الله الحور العين من الزعفران ) وقال خالد بن الوليد : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرجل من أهل الجنة ليمسك التفاحة من تفاح الجنة فتنفلق في يده فتخرج منها حوراء لو نظرت للشمس لأخجلت الشمس من حسنها من غير أن ينقص من التفاحة ) فقال له رجل : يا أبا سليمان إن هذا لعجب ولا ينقص من التفاحة ؟ قال : نعم كالسراج الذي يوقد منه سراج آخر وسرج ولا ينقص ، والله على ما يشاء قدير . وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : خلق الله الحور العين من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران ، ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك الأذفر ، ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر الأشهب ، ومن عنقها إلى رأسها من الكافور الأبيض ، عليها سبعون ألف حلة مثل شقائق النعمان{[14637]} ، إذا أقبلت يتلألأ وجهها نورا ساطعا كما تتلألأ الشمس لأهل الدنيا ، وإذا أدبرت يرى كبدها من رقة ثيابها وجلدها ، في رأسها سبعون ألف ذؤابة من المسك الأذفر ، لكل ذؤابة منها وصيفة ترفع ذيلها وهي تنادي : هذا ثواب الأولياء " جزاء بما كانوا يعملون " [ السجدة : 17 ] .