وهم راجعون إلى الله وحده قطعا ، وهو مجازيهم وحده حتما . وهذا هو الإيقاع الختامي في السورة في صيغة الجزم والتوكيد .
( إن إلينا إيابهم . ثم إن علينا حسابهم ) . .
بهذا يتحدد دور الرسول في هذه الدعوة . ودور كل داعية إليها بعده . . إنما أنت مذكر وحسابهم بعد ذلك على الله . ولا مفر لهم من العودة إليه ، ولا محيد لهم من حسابه وجزائه . غير أنه ينبغي أن يفهم أن من التذكير إزالة العقبات من وجه الدعوة لتبلغ إلى الناس وليتم التذكير . فهذه وظيفة الجهاد كما تفهم من القرآن ومن سيرة الرسول سواء ، بلا تقصير فيها ولا اعتداء . .
إيابهم : رجوعهم بعد الموت بالبعث .
ثم أكّد القرآن وقوع البعث والمعاد والحساب ، فقال :
25 ، 26- إنّ إلينا إيابهم* ثم إنّ علينا حسابهم .
أي : إلينا وحدنا عودة الناس جميعا ، عند البعث والحشر والحساب ، ثم إن علينا وحدنا حسابهم ومجازاتهم على الإحسان وإحسانا ، وعلى السوء سوءا ، فليتوقع ذلك الكافر وليعمل حسابه ، فقد أعطيت كل إنسان العقل والإرادة والاختيار ، والحرية الكاملة في اختيار الطريق الذي يسلكه ، والخطة التي يرتضيها ، والدنيا عمل ولا حساب والآخرة حساب ولا عمل ، والملك يوم القيامة لله الواحد القهار .
تم بحمد الله تعالى توفيقه تفسير سورة الغاشية .
i تفسير جزء عم ، للأستاذ الإمام محمد عبده ، ص 8 .
ii في ظلال القرآن ، نقلا عن فصل التناسق الفني في كتاب التصوير الفني في القرآن . بتصرف .
iii التفسير القرآني للقرآن –عبد الكريم الخطيب المجلد الثامن الجزء 30 ص 1540 .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله : "إنّ إلَيْنا إيابَهُمْ" يقول : إن إلينا رجوع من كفر ومعادهم.
"ثُمّ إنّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ" يقول : ثم إن على الله حسابه ، وهو يجازيه بما سلف منه من معصية ربه . يُعْلِمُ بذلك نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أنه المتولي عقوبته دونه ، وهو المجازي والمعاقِب ، وأنه الذي إليه التذكير وتبليغ الرسالة ..
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
فيكون ذلك جامعاً بين الوعد والوعيد ثواباً على الطاعات وعقاباً على المعاصي . ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه ، وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير . ومعنى الوجوب : الوجوب في الحكمة . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان الحساب متأخراً عن ذلك كله ، وعظيماً كماً وكيفاً ، عظمه بأداة التراخي فقال : { ثم إن } أكده لإنكارهم ، وأتى بأداة دالة على أنه كالواجب في أنه لا بد منه فقال : { علينا } أي خاصة بما لنا من القدرة والتنزه عن نقص العبث والجور وكل نقص ، لا على غيرنا ، لأن غيرنا لا قدرة له فقد تقدمنا فيه بالوعود الصادقة ، وأكدناها غاية التأكيد ... وذلك يكون في الغاشية يوم ينقسم الناس قسمين : في دار هوان ، ودار أمان ، فقد التف آخرها بأولها ، وتعانق مفصلها بموصلها ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 25]
وهم راجعون إلى الله وحده قطعا ، وهو مجازيهم وحده حتما . وهذا هو الإيقاع الختامي في السورة في صيغة الجزم والتوكيد .
( إن إلينا إيابهم . ثم إن علينا حسابهم ) . .
بهذا يتحدد دور الرسول في هذه الدعوة . ودور كل داعية إليها بعده . . إنما أنت مذكر وحسابهم بعد ذلك على الله . ولا مفر لهم من العودة إليه ، ولا محيد لهم من حسابه وجزائه . غير أنه ينبغي أن يفهم أن من التذكير إزالة العقبات من وجه الدعوة لتبلغ إلى الناس وليتم التذكير . فهذه وظيفة الجهاد كما تفهم من القرآن ومن سيرة الرسول سواء ، بلا تقصير فيها ولا اعتداء . .
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وعطفت جملة : { إن علينا حسابهم } بحرف { ثم } لإفادة التراخي الرتبي فإن حسابهم هو الغرض من إيَابهم وهو أوقع في تهديدهم على التولي . ومعنى ( على ) من قوله : { علينا حسابهم } أن حسابهم لتأكده في حكمة الله يشبه الحق الذي فرضه الله على نفسه . وهذه الجملة هي المقصود من التعليل التي قبلها بمعنى التمهيد لها والإِدماج لإِثبات البعث . وفي ذلك إيذان بأن تأخير عقابهم إمهال فلا يحسبُوه انفلاتاً من العقاب . ...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
فنحن الذين نحاسب الخلق على كثرتهم ، كما نرزقهم على كثرتهم ، وليس لأحدٍ أن يحاسب أحداً على أيّ شيءٍ من أعماله ، فليدرسوا مسألة الحساب من خلال مسألة المصير ، قبل أن تفوتهم الفرصة التي لا مجال للعودة إليها . ...
ولما كان الحساب متأخراً عن ذلك كله ، وعظيماً كماً وكيفاً ، عظمه بأداة التراخي فقال : { ثم إن } أكده لإنكارهم ، وأتى بأداة دالة على أنه كالواجب في أنه لا بد منه فقال : { علينا } أي خاصة بما لنا من القدرة والتنزه عن نقص العبث والجور وكل نقص ، لا على غيرنا ، لأن غيرنا لا قدرة له فقد تقدمنا فيه بالوعود الصادقة ، وأكدناها غاية التأكيد { حسابهم * } أي يوم القيامة على النقير والقطمير ، وغير ذلك من كل صغير وكبير ، وذلك يكون في الغاشية يوم ينقسم الناس قسمين : في دار هوان ، ودار أمان ، فقد التف آخرها بأولها ، وتعانق مفصلها بموصلها - والله الهادي للصواب وإليه المآب .