في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

فلما أكثروا في الأرض الفساد ، كان العلاج هو تطهير وجه الأرض من الفساد :

" فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد " . .

فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم . فلما أن كثر الفساد وزاد صب عليهم سوط عذاب ، وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب . حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية ، على الطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

1

المفردات :

سوط عذاب : عذابا شديدا مؤلما دائما .

التفسير :

13- فصبّ عليهم ربك سوط عذاب .

أنزل الله عليهم ألوان العذاب الذي يصبّ عليهم صبا ، كضرب السياط اللاذعة .

وتفيد الآية أنه كان عذابا قاصما ، فقد أهلك الله عادا ، بريح صرصر عاتية* سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما . . . ( الحاقة : 6 ، 7 ) .

وأهلك الله ثمود بالصاعقة التي أهلكتهم ، وأهلك فرعون بالغرق .

والخلاصة : إن الله تعالى أهلكهم بألوان العذاب المهلكة المدمّرة ، فصاروا أثرا بعد عين ، والقصة موجهة إلى أهل مكة ، وإلى كل ظالم عات باغ ( إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته )vii .

قال تعالى : وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين* فكلاّ أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون . ( العنكبوت : 39 ، 40 ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني نقمته وكانت نقمته عذابا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره : فأكثروا في البلاد المعاصي ، وركوب ما حرّم الله عليهم "فَصَبّ عَلَيْهِمْ رَبّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" يقول تعالى ذكره : فأنزل بهم يا محمد ربك عذابَه ، وأحلّ بهم نقمتَه ، بما أفسدوا في البلاد ، وطغَوْا على الله فيها . وقيل : فصَبّ عليهم ربهم سَوط عذاب . وإنما كانت نِقَما تنزل بهم ، إما ريحا تُدَمرهم ، وإما رَجفا يُدَمدم عليهم ، وإما غَرَقا يُهلكهم ، من غير ضرب بسوط ولا عصا ، لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن الجلد بالسياط ، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم ، أن يقولوا : ضُرب فلان حتى بالسّياط ، إلى أن صار ذلك مثلاً ، فاستعملوه في كلّ معذّب بنوع من العذاب شديد ، وقالوا : صَبّ عليه سَوط عذاب .

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

وقال أهل المعاني : هذا على الاستعارة ؛ لأنّ السوط عندهم غاية العذاب ، فجرى ذلك لكلّ عذاب .

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وذكر السوط : إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعدّ لهم في الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به ....

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والصب يستعمل في السوط لأنه يقتضي سرعة في النزول .....وإنما خص ( السوط ) بأن يستعار للعذاب، لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب ....

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ . وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً . فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير . وأما ثمود فقد أخذتهم الصيحة . وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم . والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .....وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ . ...

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

ولما كان ذلك موجباً للعذاب ، سبب عنه قوله : { فصب } أي أنزل إنزالاً هو في غاية القوة { عليهم } أي في الدنيا { ربك } أي المحسن إليك المدبر لأمرك الذي جعل ما مضى من أخبار الأمم وآثار الفرق موطئاً لهم { سوط عذاب * } أي جعل عذابهم من الإغراق والرجف وغيرهما في قوته وتمكنه وعلوه وإحاطته كالمصبوب في شدة ضربه ولصوقه بالمضروب وإسراعه إليه والتفافه به كالسوط وفي كونه منوّعاً إلى أنواع متشابكة ، وأصله الخلط ، وإنما سمي هذا الجلد المضفور الذي يضرب به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض ، ولأنه يخلط اللحم والدم ، وقيل : شبه بالسوط ما أحل بهم في الدنيا إشعاراً بالترديد والتكرير إلى أن يهلك المعذب به وإيذاناً بأنه بالقياس إلى ما أعد لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى السيف ، هذا سوط الدنيا وسيف الآخرة أشد وأحد وأمضى ،