وعلى الضفة الأخرى وفي الصفحة المقابلة يرتسم مشهد آخر ، لفريق آخر ، فريق مستيقن لا يخرص ؛ تقي لا يتبجح ؛ مستيقظ يعبد ويستغفر ، ولا يقضي العمر في غمرة وذهول :
( إن المتقين في جنات وعيون . آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين . كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون . وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) . .
فهذا الفريق . فريق المتقين . الأيقاظ . الشديدي الحساسية برقابة الله لهم ، ورقابتهم هم لأنفسهم . هؤلاء ( في جنات وعيون ) . .
في جنات وعيون : في بساتين تجري من تحتها الأنهار .
15 ، 16- { إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين } .
يأتي الحديث عن المتقين بعد الحديث عن المكذبين ، وفي الحديث عن المتقين تجد نعمة الرضا والتكريم ، فهم في جنات ناضرة ، فيها الزروع والثمار ، والبساتين وألوان النعيم ، وفيها عيون تجري بالماء زيادة في التكريم .
{ إن المتقين في جنات وعيون } : أي إن الذين اتقوا ربهم في بساتين وعيون تجري خلال تلك البساتين والقصور التي فيها كقوله تجري من تحتها الأنهار .
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي كذب بها المشركون في مكة فقال تعالى { إن المتقين في جنات وعيون } أي إن الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يعصوه بترك الواجبات ولا بفعل المحرمات هؤلاء يوم القيامة في بساتين وعيون تري في تلك البساتين .
{ 15-19 } { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ }
يقول تعالى في ذكر ثواب المتقين وأعمالهم ، التي أوصلتهم{[842]} إلى ذلك الجزاء : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ } أي : الذين كانت التقوى شعارهم ، وطاعة الله دثارهم ، { فِي جَنَّاتِ } مشتملات على جميع [ أصناف ] الأشجار ، والفواكه ، التي يوجد لها نظير في الدنيا ، والتي لا يوجد لها نظير ، مما لم تنظر العيون إلى مثله ، ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على قلوب العباد{[843]} { وَعُيُونٍ } سارحة ، تشرب منها تلك البساتين ، ويشرب بها عباد الله ، يفجرونها تفجيرًا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.