في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

63

ثم تنطلق من نفوسهم النقمة على سادتهم وكبرائهم ، الذين أضلوهم ، وبالإنابة إلى الله وحده ، حيث لا تنفع الإنابة :

( وقالوا : ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ) . . هذه هي الساعة . ففيم السؤال عنها ? إن العمل لها هو المخلص الوحيد من ذا المصير المشؤوم فيها !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ رَبّنَآ إِنّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلّونَا السّبِيلاْ * رَبّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } .

يقول تعالى ذكره : وقال الكافرون يوم القيامة في جهنم : ربنا إنا أطعنا أئمتنا في الضلالة وكبراءنا في الشرك فَأَضَلّونا السّبِيلَ يقول : فأزالونا عن محجة الحقّ ، وطريق الهدى ، والإيمان بك ، والإقرار بوحدانيتك ، وإخلاص طاعتك في الدنيا رَبّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العَذَابِ يقول : عذّبهم من العذاب مِثْلَى عذابنا الذي تعذّبنا وَالْعَنْهُمْ لَعْنا كَبيرا يقول : واخزهم خزيا كبيرا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : رَبّنا إنّا أطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءنَا أي رؤوسنا في الشرّ والشرك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّا أطَعْنا سادَتَنا وكُبَرَاءَنا قال : هم رؤوس الأمم الذين أضلوهم ، قال : سادتنا وكبراءنا واحد .

وقرأت عامة قرّاء الأمصار : سادَتَنا . ورُوي عن الحسن البصري : «سادَاتِنا » على الجماع ، والتوحيد في ذلك هي القراءة عندنا ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه .

واختلفوا في قراءة قوله : لَعْنا كَبِيرا فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار بالثاء : «كَثِيرا » من الكثرة ، سوى عاصم ، فإنه قرأه لَعْنا كَبِيرا من الكبر . والقراءة في ذلك عندنا بالثاء لإجماع الحجة من القراء عليها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

ثم دعوا بأن يضاعف العذاب للكبراء المضلين أي عن أنفسهم وعمن أضلوا ، وقرأ عاصم وابن عامر وحذيفة بن اليمان والأعرج بخلاف عنه «لعناً كبيراً بالباء من الكبر ، وقرأ الجمهور والباقون » لعناً كثيراً «بالثاء ذات الثلاث والكثرة أشبه بمعنى اللعنة من الكبر أي العنهم مرات كثيرة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

وإعادة النداء في قولهم : { ربنا آتهم ضعفين من العذاب } تأكيد للضراعة والابتهال وتمهيد لقبول سؤلهم حتى إذا قبل سؤلهم طمعوا في التخلص من العذاب الذي ألقوهُ على كاهل كبرائهم . والضِعف بكسر الضاد : العدد المماثل للمعدود ، فالأربعة ضعف الاثنين . ولما كان العذاب معنى من المعاني لا ذاتاً كان معنى تكرير العدد فيه مجازاً في القوة والشدة . وتثنية { ضعفين } مستعملة في مطلق التكرير كناية عن شدة العذاب كقوله تعالى : { ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير } [ الملك : 4 ] فإن البصر لا

يخسَأ في نظرتين ، ولذلك كان قوله هنا : { آتهم ضعفين من العذاب } مساوياً لقوله : { فآتهم عذاباً ضعفاً من النار } في سورة الأعراف [ 38 ] . وهذا تعريض بإلقاء تبعة الضلال عليهم ، وأن العذاب الذي أعدّ لهم يسلط على أولئك الذين أضلّوهم . ووُصف اللعن بالكثرة كما وصف العذاب بالضعفين إشارة إلى أن الكبراء استحقوا عذاباً لكفرهم وعذاباً لتسببهم في كفر أتباعهم . فالمراد بالكثير الشديد القوي ، فعبر عنه بالكثير لمشاكلة معنى التثنية في قوله : { ضعفين } المراد به الكثرة . وقد ذكر في الأعراف جوابهم من قِبل الجلالة بقوله : { قال لكل ضعف } [ الأعراف : 38 ] يعني أن الكبراء استحقوا مضاعفة العذاب لضلالهم وإضلالهم وأن أتباعهم أيضاً استحقوا مضاعفة العذاب لضلالهم ولتوسيد سادتهم وطاعتهم العمياء إياهم .