فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

{ وَقَالُواْ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا } هذه الجملة معطوفة على الجملة الأولى ، والمراد بالسادة والكبراء : هم الرؤساء والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا ويقتدون بهم ، وفي هذا زجر عن التقليد شديد ، وكم في الكتاب العزيز من التنبيه على هذا والتحذير منه والتنفير عنه ، ولكن لمن يفهم معنى كلام الله ويقتدي به وينصف من نفسه ، لا لمن هو من جنس الأنعام في سوء الفهم ومزيد البلادة وشدّة التعصب . وقرأ الحسن وابن عامر : " ساداتنا " بكسر التاء جمع سادة فهو جمع الجمع . وقال مقاتل : هم : المطعمون في غزوة بدر ، والأوّل أولى ، ولا وجه للتخصيص بطائفة معينة { فَأَضَلُّونَا السبيلا } أي عن السبيل بما زينوا لنا من الكفر بالله ورسوله ، والسبيل هو : التوحيد ، ثم دعوا عليهم في ذلك الموقف ، فقالوا : { رَبَّنَا ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العذاب } أي مثل عذابنا مرتين . وقال قتادة : عذاب الدنيا والآخرة ، وقيل : عذاب الكفر وعذاب الإضلال { والعنهم لَعْناً كَبِيراً } قرأ الجمهور " كثيرا " بالمثلثة ، أي لعناً كثير العدد عظيم القدر شديد الموقع ، واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد والنحاس . وقرأ ابن مسعود وأصحابه ويحيى بن وثاب وعاصم بالباء الموحدة ، أي كبيراً في نفسه شديداً عليهم ثقيل الموقع .

/خ68