في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

71

( فلما جاءهم الحق من عندنا ) . .

بهذا التحديد . . ( من عندنا ) . . ليصور شناعة الجريمة فيما قالوه عن هذا الحق الصادر من عند اللّه :

( قالوا : إن هذا لسحر مبين ) . .

بهذا التوكيد المتبجح الذي لا يستند مع هذا إلى دليل . . ( إن هذا لسحر مبين ) . . كأنها جملة واحدة يتعارف عليها المكذبون في جميع العصور ! فهكذا قال مشركو قريش ، كما حكي عنهم في مطلع السورة ، على تباعد الزمان والمكان ، وعلى بعد ما بين معجزات موسى ومعجزة القرآن !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّا جَآءَهُمُ الْحَقّ مِنْ عِندِنَا قَالُوَاْ إِنّ هََذَا لَسِحْرٌ مّبِينٌ * قَالَ مُوسَىَ أَتقُولُونَ لِلْحَقّ لَمّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هََذَا وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فَلَمّا جاءَهُم الحَقّ مِنْ عِنْدِنا يعني : فلما جاءهم بيان ما دعاهم إليه موسى وهارون ، وذلك الحجج التي جاءهم بها ، وهي الحقّ الذي جاءهم من عند الله قالُوا إنّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ يعنون : أنه يبين لمن رآه وعاينه أنه سحر لا حقيقة له . قالَ مُوسَى لهم : أتَقُولُونَ للْحَقّ لَمَا جَاءكُمْ من عند الله : أسحْرُ هَذَا ؟ .

واختلف أهل العربية في سبب دخول ألف الاستفهام في قوله : أسِحْرٌ هَذَا ، فقال بعض نحويي البصرة : أدخلت فيه على الحكاية لقولهم لأنهم قالوا : أسحر هذا ؟ فقال : أتقولون : أسحر هذا ؟ وقال بعض نحويي الكوفة : إنهم قالوا هذا سحر ، ولم يقولوه بالألف ، لأن أكثر ما جاء بغير ألف . قال : فيقال : فلم أدخلت الألف ؟ فيقال : قد يجوز أن تكون من قيلهم وهم يعلمون أنه سحر ، كما يقول الرجل للجائزة إذا أتته : أحقّ هذا ؟ وقد علم أنه حقّ . قال : قد يجوز أن تكون على التعجب منهم : أسحر هذا ، ما أعظمه

وأولى ذلك في هذا بالصواب عندي أن يكون المقول محذوفا ، ويكون قوله : أسِحْرٌ هَذَا من قيل موسى منكرا على فرعون وملئه قولهم للحقّ لما جاءهم سحر ، فيكون تأويل الكلام حينئذ : قال موسى لهم : أتَقُولُونَ للحَقّ لما جاءَكُمْ وهي الاَيات التي أتاهم بها من عند الله حجة له على صدقه ، سحر ، أسحر هذا الحقّ الذي ترونه ؟ فيكون السحر الأوّل محذوفا اكتفاء بدلالة قول موسى أسِحْرٌ هَذَا على أنه مراد في الكلام ، كما قال ذو الرمّة :

فَلَمّا لَبِسْنَ اللّيْلَ أوْ حِينَ نَصّبَتْ *** لهُ من خَذَا آذَانها وَهْوَ جانِحُ

يريد : «أو حين أقبل » ، ثم حذف اكتفاء بدلالة الكلام عليه ، وكما قال جلّ ثناؤه : فإذَا جاءَ وَعْد الاَخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ والمعنى : بعثناهم ليسوؤا وجوهكم ، فترك ذلك اكتفاء بدلالة الكلام عليه ، في أشباه لما ذكرنا كثيرة يُتعب إحصاؤها . وقوله : ولا يُفْلِحُ السّاحِرُونَ يقول : ولا ينجح الساحرون ولا يبقون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

{ فلما جاءهم الحق من عندنا } وعرفوه بتظاهر المعجزات الباهرة المزيلة للشك . { قالوا } من فرط تمردهم . { إن هذا لسحر مبين } ظاهر أنه سحر ، أو فائق في فنه واضح فيما بين إخوته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

يريد ب { الحق } آيتي العصا واليد ، ويدل على ذلك قولهم عندهما : هذا سحر ولم يقولوا ذلك إلا عندهما ولا تعاطوا إلا مقاومة العصا فهي معجزة موسى عليه السلام التي وقع فيها عجز المعارض ، وقرأ جمهور الناس : «لسحر مبين » وقرأ سعيد بن جبير والأعمش : «لساحر مبين »{[6186]} .


[6186]:- على قراءة الجمهور تكون [هذا] إشارة إلى الفعل الذي حدث للعصا. وعلى قراءة سعيد الأعمش تكون [هذا] إشارة إلى موسى عليه السلام.