تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ) قال بعضهم : قوله : ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا ) أي الحجج والآيات ( من عندنا قالوا إن هذا ) يعنون الحجج والبراهين التي [ جاءهم بها ][ في الأصل وم : جاء بهم ] موسى ( لسحر مبين ) يسمون الحجج والبراهين سحر لما أن السحر عندهم باطل ، لذلك قالوا [ عن الحجج ][ في الأصل وم : للحجج ] : إنها سحر ، وذلك تمويه منهم ، يموهون على الناس لئلا يظهر عندهم ، فيتبعوه[ في الأصل وم : فيتبعونه ] .

وقال بعضهم : الحق هو الإسلام والدين كقوله : ( إن الدين عند الله الإسلام )[ آل عمران : 19 ] ( قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ) يعنون الحجج والآيات التي [ جاءهم بها للدين لأنه جاء بالدين ][ في م : جاء بها للدين ] وجاءهم أيضا بحجج الدين وآياته ، قالوا [ عن حجج ][ في الأصل وم : لحجج ] الدين والإسلام : [ إنها سحر ][ في الأصل وم : سحرا ] . ففي التأويلين جميعا سموا الحجج سحرا .

وقوله تعالى : ( فلما جاءهم الحق من عندنا ) أي بأمرنا ، وكذلك قوله : ( إن الدين عن

الله الإسلام )[ آل عمران : 19 ] أي الإسلام هو الدين الذي أمر الله به لا أنه يفهم للعند مكان ، [ ينتقل من مكان ][ من م ، ساقطة من الأصل ] إلى مكان . ولكن معنى العند معنى الأمر . وعلى هذا يخرج قوله : ( إن الذين عند ربك ) يعين الملائكة ( لا يستكبرون عن عبادته )[ الأعراف : 206 ] أي إن الذين بأمر ربك يعبدونه ، ويستكبرون عن عبادته لما أنه لم يفهم من مجيء الحق من عنده مكان . فعلى ذلك لا يجوز أن يفهم من قوله : ( إن الذين عند ربك )[ الأعراف : 206 ] المكان [ أو قرب ][ في الأصل وم : يغلب ] المكان منه . ولكن التأويل ما ذكرنا أن المفهوم من عند الله أمره ، والله أعلم .