في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (15)

ويعقب على هذا بفردية التبعة ، وعدالة الجزاء ، وتوكيد الرجوع إلى الله وحده في نهاية المطاف :

( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ، ثم إلى ربكم ترجعون ) . .

بذلك يتسع صدر المؤمن ، ويرتفع شعوره ؛ ويحتمل المساءات الفردية والنزوات الحمقاء من المحجوبين المطموسين ، في غير ضعف ، وفي غير ضيق . فهو أكبر وأفسح وأقوى . وهو حامل مشعل الهدى للمحرومين من النور ، وحامل بلسم الشفاء للمحرومين من النبع ، وهو مجزيٌّ بعمله ، لا يصيبه من وزر المسيء شيء . والأمر لله في النهاية ، وإليه المرجع والمآب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمّ إِلَىَ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : من عمل من عباد الله بطاعته فانتهى إلى أمره ، وانزجر لنهيه ، فلنفسه عمل ذلك الصالح من العمل ، وطلب خلاصها من عذاب الله ، أطاع ربه لا لغير ذلك ، لأنه لا ينفع ذلك غيره ، والله عن عمل كل عامل غنيّ ، وَمَنْ أساءَ فَعَلَيْها يقول : ومن أساء عمله في الدنيا بمعصيته فيها ربه ، وخلافه فيها أمره ونهيه ، فعلى نفسه جنى ، لأنه أوبقها بذلك ، وأكسبها به سخطه ، ولم يضرّ أحدا سوى نفسه ثُمّ إلى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ يقول : ثم أنتم أيها الناس أجمعون إلى ربكم تصيرون من بعد مماتكم ، فيجازى المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، فمن ورد عليه منكم بعمل صالح ، جوزي من الثواب صالحا ، ومن ورد عليه منكم بعمل سيىء جوزي من الثواب سيئا .