تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

{ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا } والسيئات في هذا الموضع : العقوبات ، لأنها تسوء الإنسان وتحزنه . { وَالَّذِينَ ظَلَمُوا من هؤلاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا } فليسوا خيرا من أولئك ، ولم يكتب لهم براءة في الزبر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

فاء { فأصابهم سيئات ما كسبوا } مفرِّعة على جملة { ما أغنى عنهم } ، أي تسبب على انتفاء إِغناء الكسب عنهم حلولُ العقاب بهم . وكان مقتضى الظاهر في ترتيب الجمل أن تكون جملة { فأصابهم سيئات ما كسبوا } مقدّمة على جملة { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } ، لأن الإِغناء إنما يترقب عند حلول الضير بهم فإذا تقرر عدم الإِغناء يذكر بعده حلول المصيبة ، فعُكس الترتيب على خلاف مقتضى الظاهر لقصد التعجيل بإبطال مقالة قائلهم { إنما أوتيتُه على علم } [ الزمر : 49 ] ، أي لو كان لعلمهم أثر في جلب النعمة لهم لكان له أثر في دفع الضر عنهم .

والإِشارة { بهؤلاء } إلى المشركين من أهل مكة وقد بيّنا غير مرة أننا اهتدينا إلى كشف عادة من عادات القرآن إذا ذكرت فيه هذه الإِشارة أن يَكون المراد بها المشركون من قريش . وإصابة السيئات مراد بها في الموضعين إصابة جزاء السيئات وهو عقاب الدنيا وعقاب الآخرة لأن جزاء السيئة سيئة مثلها .

والمعجِز : الغالب ، وتقدم عند قوله تعالى : { إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين } في سورة [ الأنعام : 134 ] ، أي ما هم بمعجزينا ، فحذف مفعول اسم الفاعل لدلالة القرينة عليه .