تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا مِّن قَبۡلِهِۦ فَهُم بِهِۦ مُسۡتَمۡسِكُونَ} (21)

ثم قال : { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } يخبرهم بصحة أفعالهم ، وصدق أقوالهم ؟ ليس الأمر كذلك ، فإن اللّه أرسل محمدا نذيرا إليهم ، وهم لم يأتهم نذير غيره ، أي : فلا عقل ولا نقل ، وإذا انتفى الأمران ، فلا ثَمَّ إلا الباطل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا مِّن قَبۡلِهِۦ فَهُم بِهِۦ مُسۡتَمۡسِكُونَ} (21)

إضراب انتقالي ، عُطف على جملةِ { ما لهم بذلك من علم } [ الزخرف : 20 ] فبعد أن نفى أن يكون قولُهم { لو شاء الرحمان ما عبدناهم } [ الزخرف : 20 ] مستنداً إلى حجة العقل ، انتقل إلى نفي أن يكون مستنداً إلى حجة النقل عن إخبار العالِم بحقائق الأشياء التي هي من شؤونه .

واجتلب للإضراب حرف { أم } دون ( بَل ) لما تؤذن به { أم } من استفهام بعدها ، وهو إنكاري . والمعنى : وما آتيناهم كتاباً من قبله . وضمير { من قبله } عائد إلى القرآن المذكور في أوّل السورة . وفي قوله : { وإنه في أم الكتاب لدينا لعليٌّ حكيمٌ } [ الزخرف : 4 ] . وفي هذا ثناء ثالث على القرآن ضمني لاقتضائه أن القرآن لا يأتي إلا بالحق الذي يُستمسك به .

وهذا تمهيد للتخلص إلى قوله تعالى : { بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمةٍ } [ الزخرف : 22 ] .

و { مِن } مزيدة لتوكيد معنى ( قبْل ) . والضمير المضاف إليه ( قَبْل ) ضمير القرآن ولم يتقدم له معاد في اللّفظ ولكنه ظاهر من دلالة قوله : { كتاباً } .

و { مستمسكون } مبالغة في ( ممسكون ) يقال : أمسك بالشيء ، إذا شدّ عليه يده ، وهو مستعمل مجازاً في معنى الثبات على الشيء كقوله تعالى : { فاستمسك بالذي أوحي إليك } [ الزخرف : 43 ] .