تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (15)

{ وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } أي : ولقد تركنا قصة نوح مع قومه آية يتذكر بها المتذكرون ، على أن من عصى الرسل وعاندهم أهلكه الله بعقاب عام شديد ، أو أن الضمير يعود إلى السفينة وجنسها ، وأن أصل صنعتها تعليم

من الله لعبده{[931]}  نوح عليه السلام ، ثم أبقى الله تعالى صنعتها وجنسها بين الناس ليدل ذلك على رحمته بخلقه وعنايته ، وكمال قدرته ، وبديع صنعته ، { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } ؟ أي : فهل من متذكر{[932]}  للآيات ، ملق ذهنه وفكرته لما يأتيه منها ، فإنها في غاية البيان واليسر ؟


[931]:- في ب: لرسوله.
[932]:- في ب: فهل من متذكر.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (15)

{ ولقد تركناها } أي السفينة أو الفعلة . { آية } يعتبر بها إذ شاع خبرها واشتهر . { فهل من مدكر } معتبر ، وقرئ " مذتكر " على الأصل ، و " مذكر " بقلب التاء ذالا والإدغام فيها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (15)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولقد تركناها آية} يعني السفينة كانت عبرة وآية لمن بعدهم من الناس...

{فهل من مدكر} يقول: هل من يتذكر؟ فيعلم أن ذلك الحق فيعتبر ويخاف عقوبة الله تعالى...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ولقد تركنا السفينة التي حملنا فيها نوحا ومن كان معه آية، يعني عِبْرة وعظة لمن بعد قوم نوح من الأمم ليعتبروا ويتعظوا، فينتهوا عن أن يسلكوا مسلكهم في الكفر بالله، وتكذيب رسله، فيصيبهم مثل ما أصابهم من العقوبة...

وقوله:"فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ "يقول: فهل من ذي تذكر يتذكر ما قد فعلنا بهذه الأمة التي كفرت بربها، وعصت رسوله نوحا، وكذّبته فيما أتاهم به عن ربهم من النصيحة، فيعتبر بهم، ويحذر أن يَحِلّ به من عذاب الله بكفره بربه، وتكذيبه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، مثل الذي حلّ بهم، فيُنِيبَ إلى التوبة، ويراجع الطاعة. وأصل مدّكر: مفتعل من ذكر... قال ابن زيد في قوله: "فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ" قال: المدّكر: الذي يتذكر...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ولقد تركناها آية} يحتمل وجهين:

أحدهما: تركنا سفينة نوح عليه السلام بيّنة مدة طويلة حتى صارت آية لأواخرهم ولمن بعدهم. وبه يقول قتادة: قال: أبقى الله تعالى سفينة نوح عليه السلام بيّنة للمسافرين من أرض الجزيرة حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة كانت بعدها، فصارت رمادا.

والثاني: {ولقد تركناها آية} آثار تلك السفينة وأنباؤها آية لمن بعدهم لأن أنباءها قد بقيت في المتأخّرين حين عرفوا أن من نجا بم نجا ومن هلك بم هلك؟ والله أعلم. قال قتادة: فهل من طالب خير، فيعان عليه؟

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"ولقد تركناها آية " يعني السفينة تركناها دلالة باهرة " فهل من مدكر " بها ومتعظ بسببها فيعلم أن الذي قدر على ذلك لا يكون من قبيل الاجسام وانه لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الضمير في {تركناها} للسفينة أو للفعلة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{فهل من مدكر} إشارة إلى أن الأمر من جانب الرسل قد تم ولم يبق إلا جانب المرسل إليهم بأن كانوا منذرين متفكرين يهتدون بفضل الله {فهل من مدكر} مهتد، وهذا الكلام يصلح حثا ويصلح تخويفا وزجرا.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فهل من مدكر} أي مجتهد في التذكير بسبب هذا الأمر لما يحق على الخلق من شكر الخالق بما هدت إليه رسله كما قالوه.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

{فهل من مدكر} أي فهل من معتبر بتلك الآية الحرية بالاعتبار، الجديرة بطويل التفكير والتأمل في عواقب المكذبين برسل الله، الجاحدين بوحدانيته، المتخذين له الأنداد والأوثان.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والترك كناية عن الإِبقاء وعدم الإِزالة، قال تعالى: {وتركنا فيها آية} في سورة الذاريات (37) أي أبقينا سفينة نوح محفوظة من البِلى لتكون آية يشهدها الأمم الذين أرسلت إليهم الرسلُ والآية: الحجة. وأصل الآية الأمارة التي يصطلح عليها شخصان فأكثر، فالآية في بقائها... و {من} زائدة للدلالة على عموم الجنس في الإِثبات على الأصح من القولين. و {مُدَّكر} أصله: مُذتَكر مفتعل من الذُكر بضم الذال، وهو التفكر في الدليل...