قوله : { وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً } ضمير تركناها إمَّا للقصة أو للفِعْلَة التي فعلناها آية يعتبر بها ، أو السفينة . وهو الظاهر . والمعنى تركناها أي أبقاها الله بباقِرْدى من أرض الجزيرة آيةً أي عبرة حتى نظرت إليها أوائلُ هذه الأمة ، وكانت على الجُوديِّ . وقيل : بأرض الهِنْدِ ، ومعنى تركناها أي جعلناها ، لأنها بعد الفراغ منها صارت متروكة ومجعولة{[54009]} .
قوله : { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } أصله «مُدْتَكر » فأبدلت التاء دالاً مهملة ، ثم أبدلت المعجمة{[54010]} مهملة لمقارنتها وقد تقدم هذا في قوله : { وادّكر بَعْدَ أُمَّةٍ } [ يوسف : 45 ] . وقد قرئ «مُدْتَكِرٍ » بهذا الأصل{[54011]} .
وقرأ قتادة فيما نقل عنه أبو الفضل - مُدَكَّرٍ{[54012]} - بفتح الدال مخففة وبتشديد الكاف ، من دَكَّر بالتشديد أي دَكَّر نَفْسَه أو غَيرَه بما بمضى من قصَصِ الأولين .
ونقل عنه ابن عطية كالجماعة إلا أنه بالذَّال المعجمة ، وهو شاذ لأن الأَوَّلَ يُقْلَبُ للثَّانِي ، لا الثاني للأول .
روى زُهَيْرٌ عن أبي إِسْحَاقَ أنه سمعَ رجُلاً يسأل الأسود : فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أو مِنْ مذَّكِرٍ ، قال : سمعت عبد الله يقرأها : فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ دالاً{[54013]} .
وهذه الآية إشارة إلى أن الأمر من جانب الرسل قد تَمَّ ، ولم يبق إلا جانب المُرْسَلِ إِليهم بأن يتفكروا ويهتدوا . وهذا الكلام يصلح أن يكون حثاً وأن يكون تخويفاً وزجراً ، وقال ابن الخطيب : مُدَّكِرٌ مُفْتَعِلٌ من ذَكَرَ يَذْكُرُ وأصله مُذْتكرٌ . وقرأ بعضهم بهذا الأصل . ومنهم من يقلب التاء دالاً . وفي قوله : مدّكِر إشارة إلى قوله : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى } أي هل ممن يتذكر تلك الحالة ؟ وإما إلى وضوح الأمر كأنه جعل{[54014]} للكل آيات الله فنَسُوها ، فهل من متذكر{[54015]} يتذكر شيئاً منها ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.