تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { ولقد تركناها آية } يحتمل وجهين :

أحدهما : تركنا سفينة نوح عليه السلام بيّنة مدة طويلة حتى صارت آية لأواخرهم ولمن بعدهم . وبه يقول قتادة : قال : أبقى الله تعالى سفينة نوح عليه السلام بيّنة للمسافرين من أرض الجزيرة حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة ، وكم من سفينة كانت بعدها ، فصارت رمادا .

والثاني : { ولقد تركناها آية } آثار تلك السفينة وأنباؤها آية لمن بعدهم لأن أنباءها قد بقيت في المتأخّرين حين عرفوا أن من نجا بم{[20179]} نجا ومن هلك بم{[20180]} هلك ؟ والله أعلم .

وقوله تعالى : { فهل من مُدّكر } عن الأسود [ أنه ] قال : قلت لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه { فهل من مُدّكر } أو مُذَكّر ؟ فقال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم { مُدّكر } بالدال .

قال أبو عبيد : وأصله في العربية : مُذتكِر ؛ فإنه من باب الافتعال على وزن مُفتعِل ، فنُقل لاجتماع الذال والتاء ، فأُدغم الحرف الأول ، وهو الذال ، في التاء ، فانقلب دالا . وهو كقول : ادّخر ، أصله : ادتخر من الذّخرُ لما قلنا ، والله أعلم .

ثم قوله تعالى : { مُدّكر } أي هل من متذكّر مُتّعظ يتعظ بما نزل بأولئك فينزجر عن مثل صنيعهم ؟

قال قتادة : فهل من طالب خير ، فيعان عليه ؟


[20179]:في الأصل وم: لمن.
[20180]:في الأصل وم: لمن.