تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبٖ سَلِيمٍ} (84)

{ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } من الشرك والشبه ، والشهوات المانعة من تصور الحق ، والعمل به ، وإذا كان قلب العبد سليما ، سلم من كل شر ، وحصل له كل خير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبٖ سَلِيمٍ} (84)

{ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } قال ابن عباس : يعني شهادة أن لا إله إلا الله .

وقال{[25005]} ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدثنا أبو أسامة ، عن عَوْف : قلت لمحمد بن سِيرين : ما القلب السليم ؟ قال : يعلم{[25006]} أن الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور .

وقال الحسن : سليم من الشرك ، وقال عروة : لا يكون لعانا .


[25005]:- في ت: "وروى".
[25006]:- (2) في ت: "تعلم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبٖ سَلِيمٍ} (84)

{ إذ جاء ربه } متعلق بما في الشيعة من معنى المشايعة أو بمحذوف هو اذكر .

{ بقلب سليم } من آفات القلوب أو من العلائق خالص لله أو مخلص له ، وقيل حزين من السليم بمعنى اللديغ . ومعنى المجيء به ربه : إخلاصه له كأنه جاء به متحفا إياه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبٖ سَلِيمٍ} (84)

و{ إذ } ظرف للماضي وهو متعلق بالكون المقدَّر للجار والمجرور الواقعين خبراً عن { إنَّ } في قوله : { وإنَّ من شيعته لإبراهيم ، } أو متعلق بلفظ شيعة لما فيه من معنى المشايعة والمتابعة ، أي كان من شيعته حين جاء ربه بقلب سليم كما جاء نوح ، فذلك وقتُ كونه من شيعته ، أي لأن نوحاً جاء ربه بقلب سليم . وفي { إذْ } معنى التعليل لكونه من شيعته فإن معنى التعليل كثير العروض ل { إذْ } كقوله تعالى : { ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون } [ الزخرف : 39 ] . وهذه نعمة على نوح وهي ثانية عشرة .

والباء في { بِقَلبٍ سليمٍ } للمصاحبة ، أي جاء معه قلب صفته السلامة فيؤول إلى معنى : إذ جاء ربه بسلامة قلب ، وإنما ذكر القلب ابتداء ثم وصف ب { سليمٍ } لما في ذكر القلب من إحضار حقيقة ذلك القلب النزيه ، ولذلك أوثر تنكير « قلب » دون تعريف .

و { سَلِيمٍ : } صفة مشبهة مشتقة من السلامة وهي الخلاص من العلل والأدواء لأنه لما ذكر القلب ظهر أن السلامة سلامته مما تصاب به القلوب من أدوائها فلا جائز أن تعني الأدواء الجسدية لأنهم ما كانوا يريدون بالقلب إلا مقرّ الإِدراك والأخلاق . فتعين أن المراد : صاحب القلب مع نفسه بمثل طاعة الهوى والعجب والغرور ، ومع الناس بمثل الكبر والحقد والحسد والرياء والاستخفاف .

وأطلق المجيء على معاملته به في نفسه بما يرضي ربه على وجه التمثيل بحال من يجيء أحداً ملقياً إليه مَا طلبه من سلاح أو تحف أو ألطاف فإن الله أمره بتزكِية نفسه فامتثل فأشبه حال من دعاه فجاءه . وهذا نظير قوله تعالى : { أجيبوا داعي الله } [ الأحقاف : 31 ] .

وقد جمع قوله : { بِقَلْبٍ سليمٍ } جوامع كمال النفس وهي مصدر محامد الأعمال . وفي الحديث : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " .

وقد حكي عن إبراهيم قوله : { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } [ الشعراء : 88 - 89 ] ، فكان عماد ملة إبراهيم هو المتفرّع عن قوله : { بقلب سليم ، } وذلك جُماع مكارم الأخلاق ولذلك وصف إبراهيم بقوله تعالى : { إن إبراهيم لحليم أواه منيب } [ هود : 75 ] ، فكان منزهاً عن كل خلق ذميم واعتقاد باطل .

ثم إن مكارم الأخلاق قابلة للازدياد فكان حظ إبراهيم منها حظاً كاملاً لعله أكمل من حظ نوح بناء على أن إبراهيم أفضل الرسل بعد محمد صلى الله عليه وسلم وادخر الله منتهى كمالها لِرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فلذلك قال : " إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق " ، ولذلك أيضاً وصفت ملة إبراهيم بالحنيفية ووصف الإِسلام بزيادة ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم " بُعِثت بالحنيفية السمحة " وتعليق كونه من شيعة نوح بهذا الحِين المضاف إلى تلك الحالة كناية عن وصف نوح بسلامة القلب أيضاً يحصل من قوله : { وإنَّ من شيعتِه لإبراهيم } إثبات مثل صفات نوح لإِبراهيم ومن قوله : { إذ جَاءَ ربَّهُ بقلْبٍ سليمٍ } إثبات صفة مثل صفة إبراهيم لنوح على طريق الكناية في الإثباتين ، إلا أن ذلك أثبت لإِبراهيم بالصريح ويثبت لنوح باللزوم فيكون أضعف فيه من إبراهيم .