وقوله : { فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا } : معناه : فهلا تَرجعُون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول {[28173]} ، ومقرها في الجسد إن كنتم غير مدينين .
قال ابن عباس : يعني محاسبين . ورُوي عن مجاهد ، وعِكْرِمَة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والسُّدِّيّ ، وأبي حَزْرَة ، مثله .
وقال سعيد بن جُبَيْر ، والحسن البَصْرِي : { فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } غير مصدقين أنكم تُدانون وتبعثون وتجزون ، فردوا هذه النفس .
وعن مجاهد : { غَيْرَ مَدِينِينَ } غير موقنين .
وقال ميمون بن مِهْران : غير معذبين مقهورين .
هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم : إما أن يكون من المقربين {[28174]} ، أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين . وإما أن يكون من المكذبين الضالين عن الهدى ، الجاهلين بأمر الله ؛ ولهذا قال تعالى : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ من المقربين } .
وقوله : تَرْجِعُوَنها إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ يقول : تردّون تلك النفوس من بعد مصيرها إلى الحلاقيم إلى مستقرّها من الأجساد إن كنتم صادقين ، إن كنتم تمتنعون من الموت والحساب والمجازاة ، وجواب قوله : فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الْحَلْقُومَ ، وجواب قوله : فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ جواب واحد وهو قوله : تَرْجِعُوَنها وذلك نحو قوله : فإمّا يأْتِيَنّكُمْ مِنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ جعل جواب الجزاءين جوابا واحدا . وبنحو الذي قلنا في قوله : تَرْجِعُوَنها قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : تَرْجِعُوَنها قال : لتلك النفس إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"تَرْجِعُوَنها إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" يقول: تردّون تلك النفوس من بعد مصيرها إلى الحلاقيم إلى مستقرّها من الأجساد إن كنتم صادقين، إن كنتم تمتنعون من الموت والحساب والمجازاة، وجواب قوله: "فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الْحَلْقُومَ"، وجواب قوله: "فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ" جواب واحد وهو قوله: "تَرْجِعُوَنها"...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ترجعونها} أي الروح إلى ما كانت عليه {إن كنتم} أي كوناً ثابتاً {صادقين} أي في أنكم غير مقهورين على الإحضار على الملك الجبار الذي أقامكم في هذه الدار للابتلاء والاختبار، وأنه ليس لغيركم أمركم، وفي تكذيبكم لما يخبر به من الأمور الدنيوية بذل شكركم، وهذا دليل على أنه لا حياة لمن بلغت روحه الحلقوم أصلاً وهذا إلزام لهم بالبعث...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.