تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

الذي طال فيه نزاعهم ، وانتشر فيه خلافهم على وجه التكذيب والاستبعاد ، وهو النبأ الذي لا يقبل الشك ولا يدخله الريب ، ولكن المكذبون بلقاء ربهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم . ولهذا قال : { كَلَّا سَيَعْلَمُونَ

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

ثم لا يجيب عن التساؤل ، ولا يدلي بحقيقة النبأ المسؤول عنه . فيتركه بوصفه . . العظيم . . وينتقل إلى التلويح بالتهديد الملفوف ، وهو أوقع من الجواب المباشر ، وأعمق في التخويف :

( كلا ! سيعلمون . ثم كلا ! سيعلمون ! ) . . ولفظ كلا ، يقال في الردع والزجر فهو أنسب هنا للظل الذي يراد إلقاؤه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

{ كلا } حرف ردع وإبطال لشيء يسبقه غالباً في الكلام يقتضي ردع المنسوب إليه وإبطال ما نسب إليه ، وهو هنا ردع للذين يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون على ما يحتمله التساؤل من المعاني المتقدمة ، وإبطال لما تضمنته جملة { يتساءلون } [ النبأ : 1 ] من تساؤل معلوم للسامعين .

فموقع الجملة موقع الجواب عن السؤال ولذلك فصلت ولم تعطف لأن ذلك طريقة السؤال والجواب .

والكلام وإن كان إخباراً عنهم فإنهم المقصودون به فالردع موجه إليهم بهذا الاعتبار .

والمعنى : إبطال الاختلاف في ذلك النبأ وإنكار التساؤل عنه ذلِك التساؤُل الذي أرادوا به الاستهزاء وإنكار الوقوع ، وذلك يُثبت وقوع ما جاء به النبأ وأنه حق لأن إبطال إنكار وقوعه يفضي إلى إثبات وقوعه .

والغالب في استعمال { كلاّ } أن تعقّب بكلام يبيِّن ما أجملتْه من الردع والإِبطال فلذلك عقبت هنا بقوله : { سيعلمون } وهو زيادة في إبطال كلامهم بتحقيق أنهم سيوقنون بوقوعه ويعاقَبون على إنكاره ، فهما علمان يحصلان لهم بعد الموت : علم بحق وقوععِ البعث ، وعلمٌ في العقاب عليه .

ولذلك حذف مفعول { سيعلمون } ليعُمّ المعلومَيْن فإنهم عند الموت يرون ما سيصيرون إليه فقد جاء في الحديث الصحيح « إن الكافر يرى مقعده فيقال له هذا مقعدك حتى تبعث » وفي الحديث : « القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حُفر النار » وذلك من مشاهد رُوح المقبور وهي من المكاشفات الروحية وفسر بها قوله تعالى : { لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين } [ التكاثر : 6 ، 7 ] .

فتضمن هذا الإبطال وما بعده إعلاماً بأن يوم البعث واقع ، وتضمن وعيداً وقد وقع تأكيده بحرف الاستقبال الذي شأنه إفادة تقريب المستقبل .

ومن محاسن هذا الأسلوب في الوعيد أن فيه إيهاماً بأنهم سيعلمون جواب سؤالهم الذي أرادوا به الإحالة والتهكم ، وصوروه في صورة طلب الجواب فهذا الجواب من باب قول الناس : الجوابُ ما ترى لا ما تسمع .