فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

{ كلا سيعلمون } ردع لهم وزجر ، وهذا يدل على أن المختلفين فيه هم الكفار ، و به يندفع ما قيل أن الخلاف بينهم وبين المؤمنين ، فإنه إنما يتوجه الردع والوعيد إلى الكفار فقط ، وقيل كلا بمعنى حقا .

ثم كرر الردع والزجر فقال : { ثم كلا سيعلمون } للمبالغة في التأكيد والتشديد في الوعيد ، وقرأ الجمهور بالياء التحية في الفعلين على الغيبة ، وقرئ بالفوقية على الخطاب ، وقرأ الضحاك الأولى بالفوقية ، وقرأ الثانية بالتحتية ، قال الضحاك أيضا { كلا سيعلمون } يعني الكافرين عاقبة تكذيبهم { ثم كلا سيعلمون } يعني المؤمنين عاقبة تصديقهم ، وقيل بالعكس ، وقيل هو وعيد بعد وعيد .

وقيل : المعنى { كلا سيعلمون } عند النزع ما يحل بهم { ثم كلا سيعلمون } عند البعث لأنه يكشف لهم الغطاء حينئذ ، وقيل الأول للبعث والثاني للجزاء .

وقال ابن مالك تأكيد لفظي ولا يضر توسط حرف العطف ، قال السمين : والنحويون يأبون هذا ولا يسمونه إلا عطفا وإن أفاد التأكيد ، قال زاده " ثم " موضوعة للتراخي الزماني وقد تستعمل في التراخي الرتبي كما هنا تشبيها لتباعد الرتبة بتباعد الزمان .