تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} (208)

يخبر تعالى عن كمال عدله ، في إهلاك المكذبين ، وأنه ما أوقع بقرية ، هلاكا وعذابا ، إلا بعد أن يعذر بهم ، ويبعث فيهم النذر بالآيات البينات ، ويدعونهم إلى الهدى ، وينهونهم عن الردى ، ويذكرونهم بآيات الله ، وينبهونهم على أيامه في نعمه ونقمه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} (208)

192

ثم يخوفهم بأن الإنذار مقدمة الهلاك . وأن رحمة الله ألا يهلك قرية حتى يبعث فيها رسولا ، يذكرها بدلائل الإيمان :

( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون . ذكرى . وما كنا ظالمين ) . .

ولقد أخذ الله على البشر عهد الفطرة أن يوحدوه ويعبدوه . والفطرة بذاتها تحس بوجود الخالق الواحد ما لم تفسد وتنحرف . وبث دلائل الإيمان في الكون ، كلها يوحي بوجود الخالق الواحد . فإذا نسي الناس عهد الفطرة ؛ وأغفلوا دلائل الإيمان ، جاءهم نذير يذكرهم ما نسوا ، ويوقظهم إلى ما أغفلوا . فالرسالة ذكرى تذكر الناسين وتوقظ الغافلين . زيادة في العدل والرحمة ( وما كنا ظالمين )في أخذ القرى بعد ذلك بالعذاب والهلاك . فإنما هو جزاء النكسة عن خط الهدى ومنهج اليقين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} (208)

ثم قال الله تعالى مخبرًا عن عدله في خلقه : أنَّه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليهم ، والإنذار لهم وبعثة الرسل إليهم وقيام الحجج عليهم ؛ ولهذا قال : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا لَهَا مُنْذِرُونَ . ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } كما قال تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [ الإسراء : 15 ] ، وقال تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا [ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا{[4]} ] وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } [ القصص : 59 ] .


[4]:في د: "إنهم قالوا".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} (208)

تذكير لقريش بأن القرى التي أهلكها الله والتي تقدم ذكرها في هذه السورة قد كان لها رسل ينذرونها عذاب الله ليقيسوا حالتهم على أحوال الأمم التي قبلهم .

والاستثناء من أحوال محذوفة . والتقدير : وما أهلكنا من قرية في حال من الأحوال إلا في حال لها منذرون . وعُرّيت جملة الحال عن الواو استغناء عن الواو بحرف الاستثناء ، ولو ذكرت الواو لجاز كقوله في سورة الحجر ( 4 ) { إلا ولها كتاب معلوم } وعبّر عن الرسل بصفة الإنذار لأنه المناسب للتهديد بالإهلاك .