تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (8)

{ 8-9 } { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }

أي : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } أيها الرسول الكريم { شَاهِدًا } لأمتك بما فعلوه من خير وشر ، وشاهدا على المقالات والمسائل ، حقها وباطلها ، وشاهدا لله تعالى بالوحدانية والانفراد بالكمال من كل وجه ، { وَمُبَشِّرًا } من أطاعك وأطاع الله بالثواب الدنيوي والديني والأخروي ، ومنذرا من عصى الله بالعقاب العاجل والآجل ، ومن تمام البشارة والنذارة ، بيان الأعمال والأخلاق التي يبشر بها وينذر ، فهو المبين للخير والشر ، والسعادة والشقاوة ، والحق من الباطل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (8)

ثم عاد بالخطاب إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] منوها بوظيفته ، مبينا للغاية منها ، موجها المؤمنين إلى واجبهم مع ربهم بعد تبليغهم رسالته ، مع ردهم في بيعتهم إلى الله مباشرة ، وعقد العقدة معه جل جلاله ، وذلك حين يبايعون الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ويتعاقدون معه . وفي ذلك تشريف لبيعة الرسول وتكريم واضح لهذا التعاقد :

( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعزروه وتوقروه ، وتسبحوه بكرة وأصيلا . إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ، يد الله فوق أيديهم ، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ) . .

فالرسول صلى الله عليه وسلم شاهد على هذه البشرية التي أرسل إليها ، يشهد أنه بلغها ما أمر به ، وأنها استقبلته بما استقبلته ، وأنه كان منها المؤمنون ، ومنها الكافرون ، ومنها المنافقون . وكان منها المصلحون ومنها المفسدون . فيؤدي الشهادة كما أدى الرسالة . وهو مبشر بالخير والمغفرة والرضى وحسن الجزاء للمؤمنين الطائعين ، ونذير بسوء المنقلب والغضب واللعنة والعقاب للكافرين والمنافقين والعصاة والمفسدين . . هذه وظيفة الرسول .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (8)

يقول تعالى لنبيه محمد - صلوات الله وسلامه عليه{[26766]} { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا } أي : على الخلق ، { وَمُبَشِّرًا } أي : للمؤمنين ، { وَنَذِيرًا } أي : للكافرين . وقد تقدم تفسيرها في سورة " الأحزاب " {[26767]} .


[26766]:- (1) في ت، م: "صلى الله عليه وسلم".
[26767]:- (2) عند الآية الخامسة والأربعين.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (8)

لما أريد الانتقال من الوعد بالفتح والنصر وما اقتضاه ذلك مما اتصل به ذِكره إلى تبيين ما جرى في حادثة الحديبية وإبلاغ كل ذي حظ من تلك القضية نصيبهُ المستحق ثناء أو غيره صدر ذلك بذكر مراد الله من إرسال رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون ذلك كالمقدمة للقصة وذكرت حكمة الله تعالى في إرساله ما له مزيد اختصاص بالواقعة المتحدث عنها ، فذكرت أوصاف ثلاثة هي : شاهد ، ومبشر ، ونذير . وقدم منها وصف الشاهد لأنه يتفرع عنه الوصفان بعده .

فالشاهد : المخبر بتصديق أحدٍ أو تكذيبه فيما ادعاه أو ادُعي به عليه وتقدم في قوله : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } في سورة النساء ( 41 ) وقوله : { ويكون الرسول عليكم شهيدا } في سورة البقرة ( 143 ) .

فالمعنى : أرسلناك في حال أنك تشهد على الأمة بالتبليغ بحيث لا يعذر المخالفون عن شريعتك فيما خالفوا فيه ، وتشهد على الأمم وهذه الشهادة حاصلة في الدنيا وفي يوم القيامة ، فانتصب شاهداً } على أنه حال ، وهو حال مقارنة ويترتّب على التبليغ الذي سيشهد به أنه مبشر للمطيعين ونذير للعَاصين على مراتب العصيان . والكلام استئناف ابتدائي وتأكيده بحرف التأكيد للاهتمام .