واللمسة الثانية في ذوات النفوس ، في نواحي وحقائق شتى :
وهي ظاهرة كذلك ملحوظة يدركها كل إنسان بيسر وبساطة . . فقد خلق الله الإنسان ذكرا وأنثى ، وجعل حياة هذا الجنس وامتداده قائمة على اختلاف الزوجين والتقائهما . وكل إنسان يدرك هذه الظاهرة ، ويحس ما وراءها من راحة ولذة ومتاع وتجدد بدون حاجة إلى علم غزير . ومن ثم يخاطب بها القرآن الإنسان في أية بيئة فيدركها ويتأثر بها حين يتوجه تأمله إليها ، ويحس ما فيها من قصد ومن تنسيق وتدبير .
ووراء هذا الشعور المبهم بقيمة هذه الحقيقة وعمقها ، تأملات أخرى حين يرتقي الإنسان في المعرفة وفي الشعور أيضا . . هنالك التأمل في القدرة المدبرة التي تجعل من نطفة ذكرا ، وتجعل من نطفة أنثى ، بدون مميز ظاهر في هذه النطفة أو تلك ، يجعل هذه تسلك طريقها لتكون ذكرا ، وهذه تسلك طريقها لتكون أنثى . اللهم إلا إرادة القدرة الخالقة وتدبيرها الخفي ، وتوجيهها اللطيف ، وإيداعها الخصائص التي تريدها هي لهذه النطفة وتلك ، لتخلق منهما زوجين تنمو بهما الحياة وترقى !
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يعني أصنافا ذكورا وإناثا، سودا وبيضا، وحمرا وأدما، ولغات شتى، فذلك قوله: {وخلقناكم أزواجا}، فهذا كله عظمته...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وَخَلَقْناكُمْ أزْوَاجا": ذُكرانا وإناثا، وطوالاً وقصارا، أو ذوي دَمامة وجمال...
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
أي: أصنافا، وموضع النعمة هي سكون بعضهم إلى بعض، فالرجل والمرأة زوج، وكذلك السماء والأرض، والليل والنهار، وغير ذلك من الخلق، وقيل: أزواجا أي: متآلفين، تألفون أزواجكم...
(الأول): المراد الذكر والأنثى كما قال: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى}
(والثاني): أن المراد منه كل زوجين وكل متقابلين من القبيح والحسن والطويل والقصير وجميع المتقابلات والأضداد، كما قال: {ومن كل شيء خلقنا زوجين} وهذا دليل ظاهر على كمال القدرة ونهاية الحكمة حتى يصح الابتلاء والامتحان، فيتعبد الفاضل بالشكر والمفضول بالصبر ويتعرف حقيقة كل شيء بضده، فالإنسان إنما يعرف قدر الشباب عند الشيب، وإنما يعرف قدر الأمن عند الخوف، فيكون ذلك أبلغ في تعريف النعم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وخلقناكم} أي بما دل على ذلك من مظاهر العظمة...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
واللمسة الثانية في ذوات النفوس، في نواحي وحقائق شتى:
وهي ظاهرة كذلك ملحوظة يدركها كل إنسان بيسر وبساطة.. فقد خلق الله الإنسان ذكرا وأنثى، وجعل حياة هذا الجنس وامتداده قائمة على اختلاف الزوجين والتقائهما. وكل إنسان يدرك هذه الظاهرة، ويحس ما وراءها من راحة ولذة ومتاع وتجدد بدون حاجة إلى علم غزير. ومن ثم يخاطب بها القرآن الإنسان في أية بيئة فيدركها ويتأثر بها حين يتوجه تأمله إليها، ويحس ما فيها من قصد ومن تنسيق وتدبير.
ووراء هذا الشعور المبهم بقيمة هذه الحقيقة وعمقها، تأملات أخرى حين يرتقي الإنسان في المعرفة وفي الشعور أيضا.. هنالك التأمل في القدرة المدبرة التي تجعل من نطفة ذكرا، وتجعل من نطفة أنثى، بدون مميز ظاهر في هذه النطفة أو تلك، يجعل هذه تسلك طريقها لتكون ذكرا، وهذه تسلك طريقها لتكون أنثى. اللهم إلا إرادة القدرة الخالقة وتدبيرها الخفي، وتوجيهها اللطيف، وإيداعها الخصائص التي تريدها هي لهذه النطفة وتلك، لتخلق منهما زوجين تنمو بهما الحياة وترقى!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وعبر هنا بفعل الخلق دون الجعل لأنه تكوين ذواتهم فهو أدق من الجعل. وضمير الخطاب للمشركين الذين وجه إليهم التقرير بقوله: {ألم نجعل الأرض مهاداً} [النبأ: 6]، وهو التفات من طريق الغيبة إلى طريق الخطاب. والمعطوف عليه وإن كان فعلاً مضارعاً فدخول (لم) عليه صيّره في معنى الماضي لما هو مقرر من أنّ (لم) تقلب معنى المضارع إلى المضي فلذلك حسن عطف {خلقناكم} على {ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً} [النبأ: 6، 7] والكل تقرير على شيء مضى. وإنما عدل عن أن يكون الفعل فعلاً مضارعاً مثل المعطوف هو عليه لأن صيغة المضارع تستعمل لقصد استحضار الصورة للفعل كما في قوله تعالى: {فتثير سحاباً} [الروم: 48]، فالإتيان بالمضارع في {ألم نجعل الأرض مهاداً} [النبأ: 6] يفيد استدعاء إعمال النظر في خلق الأرض والجبال إذ هي مرئيات لهم. والأكثر أن يَغفل الناظرون عن التأمل في دقائقها لتعوُّدهم بمشاهدتها من قبل سِنِّ التفكر، فإن الأرض تحت أقدامهم لا يكادون ينظرون فيها بَلْهَ أن يتفكروا في صنعها،...
وجيء بفعل المضي في قوله: {خلقناكم أزواجاً} وما بعده لأن مفاعيل فعل (خلقنا) وما عطف عليه ليست مشاهدة لهم. وذُكر لهم من المصنوعات ما هو شديد الاتصال بالناس من الأشياء التي تتوارد أحوالها على مدركاتهم دواماً، فإقرارهم بها أيسر لأن دلالتها قريبة من البديهي... والأزواج: جمع زوج وهو اسم للعدد الذي يُكرر الواحد تكريرةً واحدة وقد وصف به كما يوصف بأسماء العدد في نحو قول لبيد: حتى إذا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً ثم غلب الزواج على كل من الذكر وأنثاه من الإنسان والحيوان، فقوله: {أزواجاً} أفاد أن يكون الذكر زوجاً للأنثى والعكس، فالذكر زوج لأنثاه والأنثى زوج لذَكرها، وتقدم ذلك عند قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} في سورة البقرة (35). وفي قوله: وخلقناكم أزواجاً} إيماء إلى ما في ذلك الخلقِ من حكمة إيجاد قوة التناسل من اقتران الذكر بالأنثى وهو مناط الإيماء إلى الاستدلال على إمكان إعادة الأجساد فإن القادر على إيجاد هذا التكوين العجيب ابتداء بقوة التناسل قادر على إيجاد مثله بمثل تلك الدقة أو أدق. وفيه استدلال على عظيم قدرة الله وحكمته، وامتنان على الناس بأنه خلقهم، وأنه خلقهم بحالة تجعل لكل واحد من الصنفين ما يصلح لأن يكون له زوجاً ليحصل التعاون والتشارك في الأنس والتنعم...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.