تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

{ 73 - 74 } { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ }

ذكر الله تعالى في هذه الآيات الكريمات ، كل سبب موجب للإيمان ، وذكر الموانع ، وبين فسادها ، واحدا بعد واحد ، فذكر من الموانع أن قلوبهم في غمرة ، وأنهم لم يدبروا القول ، وأنهم اقتدوا بآبائهم ، وأنهم قالوا : برسولهم جنة ، كما تقدم الكلام عليها ، وذكر من الأمور الموجبة لإيمانهم ، تدبر القرآن ، وتلقي نعمة الله بالقبول ، ومعرفة حال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وكمال صدقه وأمانته ، وأنه لا يسألهم عليه أجرا ، وإنما سعيه لنفعهم ومصلحتهم ، وأن الذي يدعوهم إليه صراط مستقيم ، سهل على العاملين لاستقامته ، موصل إلى المقصود ، من قرب حنيفية سمحة ، حنيفية في التوحيد ، سمحة في العمل ، فدعوتك إياهم إلى الصراط المستقيم ، موجب لمن يريد الحق أن يتبعك ، لأنه مما تشهد العقول والفطر بحسنه ، وموافقته للمصالح ، فأين يذهبون إن لم يتابعوك ؟ فإنهم ليس عندهم ما يغنيهم ويكفيهم عن متابعتك ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

53

ألا إنما تطلب هدايتهم إلى المنهج القويم : ( وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم )يصلهم بالناموس الذي يحكم فطرتهم ، ويصلهم بالوجود كله ، ويقودهم في قافلة الوجود ، إلى خالق الوجود ، في استقامة لا تحيد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

وقوله : { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } قال الإمام أحمد :

حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جُدْعَان ، عن يوسف بن مِهْران ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه - فيما يرى النائم - ملكان ، فقعد أحدهما عند رجليه ، والآخر عند رأسه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : اضرب مَثَل هذا ومثل أمته . فقال : إن مَثَلَه ومثل أمته ، كمثل قوم سُفْر انتهوا إلى رأس مَفَازة ، فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به ، فبينا{[20614]} هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة ، فقال : أرأيتم إن وردت بكم رياضا معشبة ، وحياضا رواء تتبعوني ؟ فقالوا : نعم . قال : فانطلق ، فأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء ، فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم : ألم ألفكم على تلك الحال ، فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني ؟ قالوا{[20615]} : بلى ، قال : فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه ، وحياضا هي أروى من هذه ، فاتبعوني . قال : فقالت طائفة : صدق والله ، لنتبعه . وقالت طائفة : قد رضينا بهذا نقيم عليه{[20616]} .

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا زهير ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري ، حدثنا حفص بن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني ممسك بحجزكم : هَلُمَّ عن النار ، هلم عن النار ، وتغلبوني وتقاحمون فيها تَقَاحُم الفراش والجنادب ، فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فَرَطكم على الحوض ، فتردون علي معا وأشتاتا ، أعرفكم بسيماكم وأسمائكم ، كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله ، فيُذْهَب بكم ذات اليمين وذات الشمال ، فأناشد فيكم رب العالمين : أي رب ، قومي ، أي رب أمتي .

فيقال : يا محمد ، إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم ، فلأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ، ينادي : يا محمد ، يا محمد . فأقول : لا أملك لك شيئا . قد بلغت ، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا له رُغَاء ، ينادي : يا محمد ، يا محمد . فأقول : لا أملك{[20617]} شيئا ، قد بلغت ، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا لها حمحمة ، فينادي : يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد بلغت ، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل سقاء من أدم ، ينادي : يا محمد ، يا محمد : فأقول : لا أملك لك شيئا قد بلغت " {[20618]} .

وقال علي بن المديني : هذا حديث حسن الإسناد ، إلا أن حفص بن حميد مجهول ، لا أعلم روى عنه غير يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي .

قلت : بل قد روى عنه أيضا أشعث بن إسحاق ، وقال فيه يحيى بن معين : صالح . ووثقه النسائي وابن حبان .


[20614]:- في أ : "فبينما".
[20615]:- في أ : "فقالوا".
[20616]:- المسند (1/267).
[20617]:- في ف ، أ : "لا أملك لك".
[20618]:- ورواه البزار في مسنده برقم (900) وابن عبد البر في التمهيد (2/300) من طريق مالك بن إسماعيل عن يعقوب بن عبد الله الأشعري به نحوه. وقال الهيثمي في المجمع (3/85) : "رواه أبو يعلى في الكبير والبزار إلا أنه قال : يحمل قشعا مكان سقاء. ورجال الجميع ثقات".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

وقوله : وَإنّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يقول تعالى ذكره : وإنك يا محمد لتدعو هؤلاء المشركين من قومك إلى دين الإسلام ، وهو الطريق القاصد والصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

أعقب تنزيه الرسول عما افتروه عليه بتنزيه الإسلام عما وسموه به من الأباطيل والتنزيه بإثبات ضد ذلك وهو أنه صراط مستقيم ، أي طريق لا التواء فيه ولا عقبات ، فالكلام تعريض بالذين اعتقدوا خلاف ذلك . وإطلاق الصراط المستقيم عليه من حيث إنه موصل إلى ما يتطلبه كل عاقل من النجاة وحصول الخير ، فكما أن السائر إلى طلبته لا يبلغها إلا بطريق ، ولا يكون بلوغه مضموناً ميسوراً إلا إذا كان الطريق مستقيماً فالنبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى الإسلام دعاهم إلى السير في طريق موصل بلا عناء .

والتأكيد ب ( إن ) واللام باعتبار أنه مسوق للتعريض بالمنكرين على ما دعاهم إليه النبي صلى الله عليه وسلم

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم} يعني: الإسلام لا عوج فيه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَإنّكَ لَتَدْعُوهُم إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" يقول تعالى ذكره: وإنك يا محمد لتدعو هؤلاء المشركين من قومك إلى دين الإسلام، وهو الطريق القاصد والصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

المستقيم: القائم بالآيات والحجج، ليس كالسبيل التي يسلكون هم بلا آيات ولا حجج ولا برهان.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم قال لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) "وانك "يا محمد "لتدعوهم" أي هؤلاء الكفار "إلى صراط مستقيم" من التوحيد، وإخلاص العبادة، والعمل بالشريعة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

قد ألزمهم الحجّة في هذه الآيات وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذي أُرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله، مخبور سرّه وعلنه، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم، وأنه لم يعرض له حتى يدعى بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل، ولم يجعل ذلك سلماً إلى النيل من دنياهم واستعطاء أَموالهم، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم، مع إبراز المكنون من أدوائهم وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل، واستهتارهم بدين الآباء الضُّلاَّل من غير برهان، وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة، وكراهتهم للحق، وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر، يحتمل أنّ هؤلاء وصفتهم أنهم لا يؤمنون بالآخرة {لناكبون} أي عادلون عن هذا الصراط المذكور، وهو قوله: {إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} وأن كل من لا يؤمن بالآخرة فهو عن القصد ناكب.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه سبحانه وتعالى لما زيف طريقة القوم أتبعه ببيان صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم} لأن ما دل الدليل على صحته فهو في باب الاستقامة أبلغ من الطريق المستقيم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كانت عظمة الملك مقتضية لتقبل ما أتى به والتشرف به على أيّ حال كان، نبه على أنه حق يكسب قبوله الشرف لو لم يكن من عند الملك فكيف إذا كان من عنده، فكيف إذا كان ملك الملوك ومالك الملك فكيف إذا كان الآتي به خالصة العباد وأشرف الخلق، كما قام عليه الدليل بنفي هذه المطاعن كلها، فقال عاطفاً على {آتيناهم}: {وإنك} أي مع انتفاء هذه المطاعن كلها {لتدعوهم} أي بهذا الذكر مع ما قدمنا من الوجوه الداعية إلى اتباعك بانتفاء جميع المطاعن عنك وعما جئت به {إلى صراط مستقيم} لا عوج فيه ولا طعن أصلاً كما تشهد به العقول الصحيحة، فمن سلكه أوصله إلى الغرض فحاز كل شرف.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

أي وإنك لتدعو هؤلاء المشركين من قومك إلى ذلك الدين القيم الذي تشهد العقول السليمة باستقامته، وبعده عن الضلال والهوى والاعوجاج والزيغ.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

وأن الذي يدعوهم إليه صراط مستقيم، سهل على العاملين لاستقامته، موصل إلى المقصود، من قرب حنيفية سمحة، حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، فدعوتك إياهم إلى الصراط المستقيم، موجب لمن يريد الحق أن يتبعك، لأنه مما تشهد العقول والفطر بحسنه، وموافقته للمصالح، فأين يذهبون إن لم يتابعوك؟ فإنهم ليس عندهم ما يغنيهم ويكفيهم عن متابعتك،

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ألا إنما تطلب هدايتهم إلى المنهج القويم:... حيث يصلهم بالناموس الذي يحكم فطرتهم، ويصلهم بالوجود كله، ويقودهم في قافلة الوجود، إلى خالق الوجود، في استقامة لا تحيد..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أعقب تنزيه الرسول عما افتروه عليه بتنزيه الإسلام عما وسموه به من الأباطيل والتنزيه بإثبات ضد ذلك وهو أنه صراط مستقيم، أي طريق لا التواء فيه ولا عقبات، فالكلام تعريض بالذين اعتقدوا خلاف ذلك. وإطلاق الصراط المستقيم عليه من حيث إنه موصل إلى ما يتطلبه كل عاقل من النجاة وحصول الخير، فكما أن السائر إلى طلبته لا يبلغها إلا بطريق، ولا يكون بلوغه مضموناً ميسوراً إلا إذا كان الطريق مستقيماً فالنبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى الإسلام دعاهم إلى السير في طريق موصل بلا عناء.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

وبعد أن أشار سبحانه إلى أنهم يبتغون الهوى المنبعث من أوهامهم وشهواته وتقليدهم، وأن الحق لا يتبع أهواءهم، بين الله سبحانه وتعالى أن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم هي دعوة الحق، وأمارة الحق استقامة طريقه فهو لا اعوجاج فيه؛ ولذا قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الخط المستقيم هو أقرب خط بين نقطتين، فالوصول إليه قريب سهل، والصراط هو الطريق المستقيم، ولقد شبه الله تعالى الحق من حيث إنه أقرب طريق للوصول إلى الله تعالى، فإن الله هو الحق، وطريقه الحق، ورسالته الحق، وأكد الله تعالى أن رسوله يدعو إلى الحق، وأن صراطه هو المستقيم بمؤكدات: أولها "إن "المؤكدة الدالة على التحقيق. والثانية اللام في خبرها. والثالثة الجملة الاسمية...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

وختم هذا الربع بما يزيد خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه ثباتا على الحق، ومضيا في الدعوة إليه، بالرغم من شبهات المشركين والكافرين، ومن سلك مسلكهم من السابقين واللاحقين، وما يزيد المؤمنين إيمانا بأن أعداء الرسالة الإلهية التي بعث الله رسوله لتبليغها وتجديدها هم الضالون المبطلون.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

لا التواء فيه ولا انحراف على مستوى الفكر والحركة والحياة، فهو خط تبدأ النقطة الأولى فيه من الله الذي أعطى الإنسان نعمة الوجود، ويستمر خط السير فيه مع الله في توحيده ورسالته ونعمه التي تحيط به من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، لتنتهي إلى الله في اليوم الآخر الذي يقود عباده المؤمنين إلى جنات النعيم.