محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

{ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { 73 }

{ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } أي منحرفون . قال القاشاني : الصراط المستقيم الذي يدعوهم إليه ، هو طريق التوحيد المستلزم لحصول العدالة في النفس ، ووجود المحبة في القلب . وشهود الوحدة . والذين يحتجبون عن عالم النور بالظلمات ، وعن القدس بالرجس ، إنما هم منهمكون في الظلم والبغضاء والعداوة ، والركون إلى الكثرة فلا جرم أنهم عن الصراط ناكبون منحرفون إلى ضده . فهو في واد وهم في واد . وقال الزمخشري : قد ألزمهم الحجة في هذه الآيات ، وقطع معاذيرهم وعللهم ، بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله ، مخبور سره وعلنه ، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم ، وأنه لم يعرض له حتى يدعي بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ، ولم يجعل ذلك سلما إلى النيل من دنياهم ، واستعصاء أموالهم ، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام ، الذي هو الصراط المستقيم . مع إبراز المكنون من أدوائهم ، وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل ، واستهتارهم بدين الآباء الضلال من غير برهان ، وتعللهم بأنه مجنون ، بعد ظهور الحق ، وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة ، وكراهتهم للحق وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر .