السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (73)

ولما زيف سبحانه وتعالى طريق القوم أتبعه بصحة ما جاء به الرسول عليه السلام بقوله تعالى : { وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم } تشهد عقولهم السليمة على استقامته لا عوج فيه يوجب اتهامهم له ، كما تشهد له به العقول الصحيحة ، فمن سلكه أوصله إلى الغرض ، فحاز كل شرف .

تنبيه : قد ألزمهم الله تعالى الحجة في هذه الآيات ، وقطع معاذيرهم وعللهم ، فإن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله مخبور سره وعلنه خليق بأنّ يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم وأنه لم يعرض له حتى يدعي مثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ، ولم يجعل له سلماً إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم ، ولم يدعهم إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم إلا مع إبراز المكنون من أدوائهم وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل من غير برهان .