تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ} (2)

هذا قسم من اللّه تعالى بالقرآن الحكيم ، الذي وصفه الحكمة ، وهي وضع كل شيء موضعه ، وضع الأمر والنهي في الموضع{[748]}  اللائق بهما ، ووضع الجزاء بالخير والشر في محلهما اللائق بهما ، فأحكامه الشرعية والجزائية كلها مشتملة على غاية الحكمة .

ومن حكمة هذا القرآن ، أنه يجمع بين ذكر الحكم وحكمته ، فينبه العقول على المناسبات والأوصاف المقتضية لترتيب الحكم عليها .


[748]:- في ب: في المحل.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ} (2)

ويصف القرآن - وهو يقسم به - بأنه ( القرآن الحكيم ) . والحكمة صفة العاقل . والتعبير على هذا النحو يخلع على القرآن صفة الحياة والقصد والإرادة . وهي من مقتضيات أن يكون حكيماً . ومع أن هذا مجاز إلا أنه يصور حقيقة ويقربها . فإن لهذا القرآن لروحاً ! وإن له لصفات الحي الذي يعاطفك وتعاطفه حين تصفي له قلبك وتصغي له روحك ! وإنك لتطلع منه على دخائل وأسرار كلما فتحت له قلبك وخلصت له بروحك ! وإنك لتشتاق منه إلى ملامح وسمات ، كما تشتاق إلى ملامح الصديق وسماته ، حين تصاحبه فترة وتأنس به وتستروح ظلاله ! ولقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يحب أن يسمع تلاوة القرآن من غيره ؛ ويقف على الأبواب ينصت إذا سمع من داخلها من يرتل هذا القرآن . كما يقف الحبيب وينصت لسيرة الحبيب !

والقرآن حكيم . يخاطب كل أحد بما يدخل في طوقه . ويضرب على الوتر الحساس في قلبه . ويخاطبه بقدر . ويخاطبه بالحكمة التي تصلحه وتوجهه .

والقرآن حكيم . يربي بحكمة ، وفق منهج عقلي ونفسي مستقيم . منهج يطلق طاقات البشر كلها مع توجيهها الوجه الصالح القويم . ويقرر للحياة نظاماً كذلك يسمح بكل نشاط بشري في حدود ذلك المنهج الحكيم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ} (2)

وقوله : والقُرآنِ الحَكِيمِ يقول : والقرآن المحكم بما فيه من أحكامه ، وبيّنات حججه إنّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ يقول تعالى ذكره مقسما بوحيه وتنزيله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنك يا محمد لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والقُرآنِ الحَكِيمِ إنّكَ لَمِنَ المُرْسَلينَ قسم كما تسمعون إنّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .