تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

{ 12-15 } { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }

أي : كذب الذين من قبلهم من الأمم ، رسلهم الكرام ، وأنبياءهم العظام ، ك " نوح " كذبه قومه ، [ وثمود كذبوا صالحًا ]{[817]}


[817]:- زيادة من هامش ب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ} (12)

1

ثم يعقب بعرض صفحات من كتاب التاريخ البشري بعد عرض تلك الصفحات من كتاب الكون ، تنطق بمآل المكذبين الذين ماروا كما يماري هؤلاء المشركون في قضية البعث ، وكذبوا كما يكذبون بالرسل ، فحق عليهم وعيد الله الذي لا مفر منه ولا محيد :

( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود ، وعاد وفرعون وإخوان لوط ، وأصحاب الأيكة ، وقوم تبع . كل كذب الرسل فحق وعيد . أفعيينا بالخلق الأول ? بل هم في لبس من خلق جديد ) . .

والرس : البئر : المطوية غير المبنية . والأيكة : الشجر الملتف الكثيف . وأصحاب الأيكة هم - في الغالب - قوم شعيب . أما أصحاب الرس فلا بيان عنهم غير هذه الإشارة . وكذلك قوم تبع . وتبع لقب لملوك حمير باليمن . وبقية الأقوام المشار إليهم هنا معروفون لقاريء القرآن .

وواضح أن الغرض من هذه الإشارة السريعة ليس تفصيل أمر هذه الأقوام . ولكنه إيقاع على القلوب بمصارع الغابرين . حين كذبوا الرسل . والذي يلفت النظر هو النص على أن كلا منهم كذب الرسل : ( كل كذب الرسل فحق وعيد ) . وهي لفتة مقصودة لتقرير وحدة العقيدة ووحدة الرسالة . فكل من كذب برسول فقد كذب بالرسل أجمعين ؛ لأنه كذب بالرسالة الواحدة التي جاء بها الرسل أجمعون . والرسل إخوة وأمة واحدة وشجرة ضاربة الجذور في أعماق الزمان ، وكل فرع من تلك الشجرة تلخيص لخصائصها ، وصورة منها . ومن يمس منها فرعا فقد مس الأصل وسائر الفروع . . ( فحق وعيد )ونالهم ما يعرف السامعون !