تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ} (26)

ولهذا قال : { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا } أي : يحكم بيننا حكما ، يتبين به الصادق من الكاذب ، والمستحق للثواب ، من المستحق للعقاب ، وهو خير الفاتحين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُل لاّ تُسْأَلُونَ عَمّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبّنَا ثُمّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقّ وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين : أحد فريقينا على هدى والاَخر على ضلال ، لا تُسْألون أنتم عما أجرمنا نحن من جرم ، وركبنا من إثم ، ولا نُسأَلُ نحن عما تعملون أنتم من عمل ، قل لهم : يجمع بيننا ربنا يوم القيامة عنده ، ثم يفتح بيننا بالحقّ . يقول : ثم يقضي بيننا بالعدل ، فيتبين عند ذلك المهتدي منا من الضالّ وَهُوَ الفَتّاحُ العَلِيمُ يقول : والله القاضي العليم بالقضاء بين خلقه ، لأنه لا تخفى عنه خافية ، ولا يحتاج إلى شهود تعرّفه المُحقّ من المبطل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبّنا يوم القيامة ثُمّ يَفْتَحُ بَيْنَنا : أي يقضي بيننا .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَهُوَ الفَتّاحُ العَلِيمُ يقول : القاضي .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ} (26)

إعادة فعل { قل } لِمَا عرفتَ في الجملة التي قبلها من زيادة الاهتمام بهذه المحاجات لتكون كل مجادلة مستقلة غير معطوفة فتكون هذه الجملة استئنافاً ابتدائياً .

وأيضاً فهي بمنزلة البيان للتي قبلها لأن نفي سؤال كل فريق عن عمل غيره يقتضي أن هنالك سؤالاً عن عمل نفسه فبُيّن بأن الذي يسأل الناس عن أعمالهم هو الله تعالى ، وأنه الذي يفصل بين الفريقين بالحق حين يجمعهم يوم القيامة الذي هم منكروه فما ظنك بحالهم يوم تَحقَّق ما أنكروه .

وهنا تدرج الجدل من الإِيماء إلى الإِشارة القريبة من التصريح لما في إثبات يوم الحساب والسؤال من المصارحة بأنهم الضالّون . ويسمى هذا التدرج عند أهل الجدل بالترقّي .

والفتح : الحكم والفصل بالحق ، كقوله تعالى : { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } [ الأعراف : 89 ] وهو مأخوذ من فتح الكوة لإِظهار ما خلفها .

وجملة { وهو الفتاح العليم } تذييل بوصفه تعالى بكثرة الحكم وقوته وإحاطة العلم ، وبذلك كان تذييلاً لجملة { يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق } المتضمنة حكماً جزئياً فذيل بوصف كلي . وإنما أتبع { الفتاح } ب { العليم } للدلالة على أن حكمه عدْلُ مَحض لأنه عليم لا تحفّ بحكمه أسباب الخطأ والجور الناشئة عن الجهل والعجز واتباع الضعف النفساني الناشىء عن الجهل بالأحوال والعواقب .