تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ} (35)

ثم ذكر أن إجرامهم ، قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال : { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } فدعوا إليها ، وأمروا بترك إلهية ما سواه { يَسْتَكْبِرُونَ } عنها وعلى من جاء بها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّهُمْ كَانُوَاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلََهَ إِلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنّا لَتَارِكُوَ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مّجْنُونٍ * بَلْ جَآءَ بِالْحَقّ وَصَدّقَ الْمُرْسَلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وإن هؤلاء المشركين بالله الذين وصف صفتهم في هذه الاَيات كانوا في الدنيا إذا قيل لهم : قولوا لا إلَه إلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ يقول : يتعظّمون عن قِيل ذلك ويتكبرون وترك من الكلام قولوا ، اكتفاء بدلالة الكلام عليه من ذكره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : إذَا قِيلَ لَهُمْ لا إلهَ إلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ قال : يعني المشركين خاصّة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّهُمْ كانُوا إذَا قِيلَ لَهُمْ لا إلهَ إلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ قال : قال عمر بن الخطاب : احْضُروا موتاكم ، ولقنوهم لا إله إلا الله ، فإنهم يرون ويسمعون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ} (35)

هؤلاء أهل الجرم الذين جهلوا الله تعالى ، وعظموا أصناماً وأوثاناً ف { إذا قيل لهم لا إله إلا الله } وهي كلمة الحق والعروة الوثقى أصابهم كبر وعظم عليهم أن يتركوا أصنامهم وأصنام آبائهم ، ونحو هذا كان فعل أبي طالب حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله » ، فقال أبو جهل : أترغب عن ملة عبد المطلب ، فقال آخر ما قال : أنا على ملة عبد المطلب{[9846]} ، وبعرض قول { لا إله إلا الله } جرت السنة في تلقين الموتى المحتضرين ليخالفوا الكفرة ويخضعوا لها .


[9846]:أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، وفي تفسير سورة التوبة، وفي الإيمان، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده(5-433)، ولفظه كما في البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي عمّ، قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أُنْه عنك، فنزلت:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ} (35)

استئناف بياني أفاد تعليل جزائهم وبيان إجرامهم بذكر ما كانوا عليه من التكبر عن الاعتراف بالوحدانية لله ومن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو منزه عنه وصفاً يرمون به إلى تكذيبه فيما جاء به . فحرف ( إنّ ) هنا ليس للتأكيد لأن كونهم كذلك مما لا منازع فيه وإنما هو للاهتمام بالخبرفلذلك تفيد التعليل والربط وتغني غناء فاء التفريع .

وذكر فعل الكون ليدل على أن ما تضمنه الخبر وصف متمكن منهم فهو غير منقطع ولا هُم حائدون عنه .

ومعنى { قيل لهم لا إله إلا الله } أنه يقال لهم على سبيل الدعوة والتعليم .

وفاعل القول المبنيّ فعله للنائب هو النبي صلى الله عليه وسلم فحذف للعلم به .

والاستكبار : شدة الكبر ، فالسين والتاء للمبالغة ، أي يتعاظمون عن أن يقبلوا ذلك من رجل مثلهم ، ولك أن تجعل السين والتاء للطلب ، أي إظهار التكبر ، أي يبدو عليهم التكبر والاشمئزاز من هذا القول .