القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ وَإِنّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } .
يقول تعالى ذكره : قال قوم لوط للوط : لَقَدْ عَلِمْتَ يا لوط ما لَنا في بنَاتِكَ مِنْ حَق لأنهنَ لَسْن لنا أزواجا . كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قالُوا : لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا في بَناتِكَ مِنْ حَق : أي من أزواج وَإنّكَ لَتَعْلَم ما نُرِيدُ .
وقوله : وَإنّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ يقول : قالوا : وإنك يا لوط لتعلم أن حاجتنا في غير بناتك ، وأن الذي نريد هو ما تنهانا عنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَإنّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ إن نريد الرجال .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : وَإنّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ : أي إن بُغْيتنا لغير ذلك ، فلما لم يتناهوا ، ولم يردّهم قوله ، ولم يقبلوا منه شيئا مما عرض عليهم من أمور بناته . قالَ لَوْ أنّ لي بِكُمْ قُوّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ .
فصلت جملة { قالوا } عن التي قبلها لوقوعها موقع المحاورة مع لوط عليه السّلام .
و { لقد علمت } تأكيد لكونه يعلم . فأكد بتنزيله منزلةَ من ينكر أنه يعلم لأن حالة في عرضه بناته عليهم كحال من لا يعلم خُلقهم ، وكذلك التوكيد في { وإنك لتعلَم ما نريد } ، وكلا الخبرين مستعمل في لازم فائدة الخبر ، أي نحن نعلم أنك قد علمت ما لنا رغبة في بناتك وإنك تعلم مرادنا .
ومثله قوله حكاية عن قوم إبراهيم { لقد علمت ما هؤلاء ينطقون } [ الأنبياء : 65 ] .
و { ما } الأولى نافية معلّقة لفعل العلم عن العمل ، و { ما } الثانية موصولة .
والحق : ما يحقّ ، أي يجب لأحد أو عليه ، فيقال : له حق في كذا ، إذا كان مستحقاً له ، ويقال : ما له حق في كذا ، بمعنى لا يستحقه ، فالظاهر أنه أطلق هنا كنايةً عن عدم التعلّق بالشيء وعن التجافي عنه . وهو إطلاق لم أر مثله ، وقد تحيّر المفسرون في تقريره . والمعنى : ما لنا في بناتك رغبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.