روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالُواْ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنۡ حَقّٖ وَإِنَّكَ لَتَعۡلَمُ مَا نُرِيدُ} (79)

{ قَالُواْ } معرضين عما نصحهم به من الأمر بالتقوى والنهي عن الإخزاء عن أول كلامه { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا في بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ } أي حق وهو واحد الحقوق ، وعنوا به قضاء الشهوة أي ما لنا حاجة في بناتك ، وقد يفسر بما يخالف الباطل أي ما لنا في بناتك نكاح حق لأنك لا ترى جواز نكاحنا للمسلمات ، وما هو إلا عرض سابري كذا قيل ، وهو ظاهر في أنه كان من شريعته عليه السلام عدم حل نكاح الكافر المسلمة .

وقيل : إنما نفوا أن يكون لهم حق في بناته لأنهم كانوا قد خطبوهن فردهم وكان من سنتهم أن من رد في خطبة امرأة لم تحل له أبداً ، وقييل : إنهم لما اتخذوا إتيان الذكور مذهباً كان عندهم هو الحق وأن نكاح الإناث من الباطل فقالوا ما قالوا ، وقيل : قالوا ذلك لأن عادتهم كانت أن لا يتزوج الرجل منهم إلا واحدة وكانوا كلهم متزوجين { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } أي من إتيان الذكور ، والظاهر أن { مَا } مفعول لتعلم ، وهو بمعنى تعرف ، وهي موصولة والعائد محذوف أي الذي نريده ، وقيل : إنها مصدرية فلا حذف أي إرادتنا .

وجوز أن تكون استفهامية وقعت مفعولاً لنريد وهي حينئذٍ معلقة لتعلم ولما يئس عليه السلام من إرعوائهم عما هم عليه من الغي .