تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

الذي طال فيه نزاعهم ، وانتشر فيه خلافهم على وجه التكذيب والاستبعاد ، وهو النبأ الذي لا يقبل الشك ولا يدخله الريب ، ولكن المكذبون بلقاء ربهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم . ولهذا قال : { كَلَّا سَيَعْلَمُونَ

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

وقوله : كَلاّ يقول تعالى ذكره : ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون بعث الله إياهم أحياء بعد مماتهم ، وتوعدهم جلّ ثناؤه على هذا القول منهم ، فقال : سَيَعْلَمُونَ يقول : سيعلم هؤلاء الكفار المُنكرون وعيد الله أعداءه ، ما الله فاعل بهم يوم القيامة ، ثم أكد الوعيد بتكرير آخر ، فقال : ما الأمر كما يزعمون من أن الله غير محييهم بعد مماتهم ، ولا معاقبهم على كفرهم به ، سيعلمون أن القول غير ما قالوا إذا لقُوا الله ، وأفضوا إلى ما قدّموا من سيىء أعمالهم . وذكر عن الضحاك بن مزاحم في ذلك ما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن ثابت ، عن الضحاك كَلاّ سَيَعْلَمُونَ الكفار ثُمّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ المؤمنون ، وكذلك كان يقرؤها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

كلا سيعلمون ردع عن التساؤل ووعيد عليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

وقرأ السبعة والحسن وأبو جعفر وشيبة والأعمش : «كلا سيعلمون » بالياء في الموضعين على ذكر الغائب ، فظاهر الكلام أنه رد على الكفار في تكذيبهم وعيد لهم في المستقبل وكرر الزجر تأكيداً ، وقال الضحاك المعنى : { كلا سيلعمون } يعني الكفار على جهة الوعيد .

{ ثم كلا سيعلمون } : يعني المؤمنين على جهة الوعد ، وقرأ ابن عامر فيما روى عنه مالك بن دينار والحسن بخلاف : «كلا ستعلمون » بالتاء في الموضعين على مخاطبة الحاضر كأنه تعالى يقول : قل لهم يا محمد وكرر عليهم الزجر والوعيد تأكيداً وكل تأويل في هذه القراءة غير هذا فمتعسف وقرأ . . . «كلا سيعلمون » بالياء على جهة الرد والوعيد للكفار ، «ثم كلا ستعملون » بالتاء من فوق على جهة الرد على الكفار والوعد والمؤمنين . والعلم في هذه الآية بمعنى ستعرفون ، فلذلك لم يتعد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ} (4)

{ كلا } حرف ردع وإبطال لشيء يسبقه غالباً في الكلام يقتضي ردع المنسوب إليه وإبطال ما نسب إليه ، وهو هنا ردع للذين يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون على ما يحتمله التساؤل من المعاني المتقدمة ، وإبطال لما تضمنته جملة { يتساءلون } [ النبأ : 1 ] من تساؤل معلوم للسامعين .

فموقع الجملة موقع الجواب عن السؤال ولذلك فصلت ولم تعطف لأن ذلك طريقة السؤال والجواب .

والكلام وإن كان إخباراً عنهم فإنهم المقصودون به فالردع موجه إليهم بهذا الاعتبار .

والمعنى : إبطال الاختلاف في ذلك النبأ وإنكار التساؤل عنه ذلِك التساؤُل الذي أرادوا به الاستهزاء وإنكار الوقوع ، وذلك يُثبت وقوع ما جاء به النبأ وأنه حق لأن إبطال إنكار وقوعه يفضي إلى إثبات وقوعه .

والغالب في استعمال { كلاّ } أن تعقّب بكلام يبيِّن ما أجملتْه من الردع والإِبطال فلذلك عقبت هنا بقوله : { سيعلمون } وهو زيادة في إبطال كلامهم بتحقيق أنهم سيوقنون بوقوعه ويعاقَبون على إنكاره ، فهما علمان يحصلان لهم بعد الموت : علم بحق وقوععِ البعث ، وعلمٌ في العقاب عليه .

ولذلك حذف مفعول { سيعلمون } ليعُمّ المعلومَيْن فإنهم عند الموت يرون ما سيصيرون إليه فقد جاء في الحديث الصحيح « إن الكافر يرى مقعده فيقال له هذا مقعدك حتى تبعث » وفي الحديث : « القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حُفر النار » وذلك من مشاهد رُوح المقبور وهي من المكاشفات الروحية وفسر بها قوله تعالى : { لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين } [ التكاثر : 6 ، 7 ] .

فتضمن هذا الإبطال وما بعده إعلاماً بأن يوم البعث واقع ، وتضمن وعيداً وقد وقع تأكيده بحرف الاستقبال الذي شأنه إفادة تقريب المستقبل .

ومن محاسن هذا الأسلوب في الوعيد أن فيه إيهاماً بأنهم سيعلمون جواب سؤالهم الذي أرادوا به الإحالة والتهكم ، وصوروه في صورة طلب الجواب فهذا الجواب من باب قول الناس : الجوابُ ما ترى لا ما تسمع .