تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

وهو الذي قدرته لا يعجزها معجز فيعيد عباده خلقا جديدا ويحشرهم إليه .

{ إِنَّهُ حَكِيمٌ } يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها ، ويجازي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

ثم بين - سبحانه - أن مرجع الخلق جميعاً إليه فقال : { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } .

أى : وإن ربك - وحده - أيها المخاطب - هو الذى يتولى حشر الأولين والآخرين ، وجمعهم يوم القيامة للحساب والثواب والعقاب ، إنه - سبحانه - { حكيم } فى كل تصرفاته وأفعاله { عليم } بأحوال خلقه ما ظهر منها وما بطن .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد اشتملت على ألوان من الأدلة الدالة على وحدانية الله - تعالى - وعظيم قدرته ، وبديع صنعه ، وشمول علمه ، مما يوجب الإِيمان به - سبحانه - وإخلاص العبادة له ، ومقابلة نعمه بالشكران لا بالكفران ، وبالطاعة لا بالمعصية . . .

وبعد أن ساق - سبحانه - ألواناً من الأدلة على وحدانيته وقدرته ، عن طريق خلقه للسماء وما فيها من بروج وشهب . . وللأرض وما عليها من جبال ونبات . . وللرياح وما تحمله من سحب وأمطار . . .

أتبع ذلك بأدلة أخرى على كمال ذاته وصفاته عن طريق خلقه للإِنسان وللجن وللملائكة . . فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

16

( وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم )

وأنه هو الذي يحشرهم في النهاية ، وإليه المصير :

( إنه حكيم عليم ) .

يقدر لكل أمة أجلها بحكمته ، ويعلم متى تموت ، ومتى تحشر ، وما بين ذلك من أمور . .

ونلاحظ في هذا المقطع وفي الذي قبله تناسقا في حركة المشهد . في تنزيل الذكر . وتنزيل الملائكة . وتنزيل الرجوم للشياطين . وتنزيل الماء من السماء . . ثم في المجال الذي يحيط بالأحداث والمعاني ، وهو مجال الكون الكبير : السماء والبروج والشهب ، والأرض والرواسي والنبات ، والرياح والمطر . . فلما ضرب مثلا للمكابرة جعل موضوعه العروج من الأرض إلى السماء خلال باب منها مفتوح في ذات المجال المعروض . وذلك من بدائع التصوير في هذا الكتاب العجيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

{ وإن ربك هو يحشرهم } لا محالة للجزاء ، وتوسيط الضمير للدلالة على أنه القادر والمتولي لحشرهم لا غير ، وتصدير الجملة ب { إنّ } لتحقيق الوعد والتنبيه على أن ما سبق من الدلالة على كمال قدرته وعلمه بتفاصيل الأشياء يدل على صحة الحكم كما صرح به بقوله : { إنه حكيم } باهر الحكمة متقن في أفعاله . { عليم } وسع علمه كل شيء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

جملة { وإن ربك هو يحشرهم } نتيجة هذه الأدلة من قوله : { وإنا لنحن نحي ونميت } [ سورة الحجر : 23 ] فإن الذي يُحيي الحياة الأولى قادر على الحياة الثانية بالأوْلى ، والّذي قدّر الموت ما قدره عبثاً بعد أن أوجد الموجودات إلاّ لتستقبلوا حياة أبدية ؛ ولولا ذلك لقدر الدّوام على الحياة الأولى ، قال تعالى : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } [ سورة الملك : 2 ] .

وللإشارة إلى هذا المعنى من حكمة الإحياء والإماتة أتبعه بقوله : { إنه حكيم عليم } تعليلاً لجملة { وإن ربك هو يحشرهم } لأن شأن { إنّ } إذا جاءت في غير معنى الرد على المنكر أن تفيد معنى التعليل والربط بما قبلها .

والحكيم الموصوف بالحكمة . وتقدم عند قوله تعالى : { يؤتي الحكمة من يشاء } [ سورة البقرة : 269 ] وعند قوله تعالى : { فاعلموا أن الله عزيز حكيم } في سورة البقرة ( 209 ) .

و العَليم الموصوف بالعلم العام ، أي المحيط . وتقدم عند قوله تعالى : { وليعلم الله الذين آمنوا } في سورة آل عمران ( 140 ) .

وقد أكدت جملة { وإن ربك هو يحشرهم } بحرف التوكيد وبضمير الفصل لرد إنكارهم الشديد للحشر . وقد أسند الحشر إلى الله بعنوان كونه رب محمد صلى الله عليه وسلم تنويهاً بشأن النبي عليه الصلاة والسلام لأنهم كذبوه في الخبر عن البعث { وقال الذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبّئكم إذا مزّقتم كل ممزّق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذباً أم به جِنّة } [ سورة سبأ : 7 8 ] أي فكيف ظنك بجزائه مكذبيك إذا حشرهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وإنّ رَبّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ" يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإن ربك يا محمد هو يجمع جميع الأوّلين والآخرين عنده يوم القيامة، أهل الطاعة منهم والمعصية، وكلّ أحد من خلقه، المستقدمين منهم والمستأخرين...

وقال الحسن: قال عليّ: قال داود: سمعت عامرا يفسر قوله: "إنّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ "يقول أن ربك حكيم في تدبيره خلقه في إحيائهم إذا أحياهم، وفي إماتتهم إذا أماتهم، عليم بعددهم وأعمالهم وبالحيّ منهم والميت، والمستقدم منهم والمستأخر.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والحشر: جمع الحيوان إلى مكان، يقال: هؤلاء الحشار، لانهم يجمعون الناس إلى ديوان الخراج... والحكيم: المحكم لأفعاله بمنع الخلل أن يدخل في شيء منها، فعلى هذا لا يوصف تعالى فيما لم يزل بأنه حكيم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{هُوَ يَحْشُرُهُمْ} أي هو وحده القادر على حشرهم، والعالم بحصرهم مع إفراط كثرتهم وتباعد أطراف عددهم.

{إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} باهر الحكمة واسع العلم، يفعل كل ما يفعل على مقتضى الحكمة والصواب، وقد أحاط علماً بكل شيء.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{وإن ربك هو يحشرهم} فالمراد منه التنبيه على أن الحشر والنشر والبعث والقيامة أمر واجب.

{إنه حكيم عليم} معناه: أن الحكمة تقتضي وجوب الحشر والنشر على ما قررناه بالدلائل الكثيرة في أول سورة يونس عليه السلام.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

وفصل هذه الآية بهاتين الصفتين من الحكمة والعلم في غاية المناسبة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما تم الدليل على تمام القدرة وشمول العلم، ثبت قطعاً إحياء الموتى لانتفاء المانع من جهة القدرة، واقتضاء الحكمة له من جهة العلم للعدل بين العباد بالمقابلة على الصلاح والفساد، فقال تعالى مؤكداً لإنكارهم: {وإن ربك} أي المحسن إليك بالانتقام لك ممن يعاديك، وإقرار عينك من مخالفيك..

والحكمة: العلم الذي يصرف عما لا ينبغي، وأصلها المنع.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ}... وفي الالتفات والتعرض لعنوان الربوبيةِ إشعارٌ بعلة الحكم، وفي الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام دَلالةٌ على اللطف به عليه الصلاة والسلام {إِنَّهُ حَكِيمٌ}...فإنها عبارةٌ عن العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، والإتيانِ بالأفعال على ما ينبغي {عَلِيمٌ}... ولعل تقديمَ صفةِ الحكمة للإيذان باقتضائها للحشر والجزاء...

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

وفيه أنه سبحانه يجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، لأنه الأمر المقصود من الحشر...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة {وإن ربك هو يحشرهم} نتيجة هذه الأدلة من قوله: {وإنا لنحن نحي ونميت} فإن الذي يُحيي الحياة الأولى قادر على الحياة الثانية بالأوْلى، والّذي قدّر الموت ما قدره عبثاً بعد أن أوجد الموجودات إلاّ لتستقبلوا حياة أبدية؛ ولولا ذلك لقدر الدّوام على الحياة الأولى، قال تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} [سورة الملك: 2].

وللإشارة إلى هذا المعنى من حكمة الإحياء والإماتة أتبعه بقوله: {إنه حكيم عليم} تعليلاً لجملة {وإن ربك هو يحشرهم} لأن شأن {إنّ} إذا جاءت في غير معنى الرد على المنكر أن تفيد معنى التعليل والربط بما قبلها.

...و العَليم الموصوف بالعلم العام، أي المحيط. وتقدم عند قوله تعالى: {وليعلم الله الذين آمنوا} في سورة آل عمران (140).

وقد أكدت جملة {وإن ربك هو يحشرهم} بحرف التوكيد وبضمير الفصل لرد إنكارهم الشديد للحشر. وقد أسند الحشر إلى الله بعنوان كونه رب محمد صلى الله عليه وسلم تنويهاً بشأن النبي عليه الصلاة والسلام لأنهم كذبوه في الخبر عن البعث {وقال الذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبّئكم إذا مزّقتم كل ممزّق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذباً أم به جِنّة} [سورة سبأ: 7 8] أي فكيف ظنك بجزائه مكذبيك إذا حشرهم.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

إن ربك خالقك ومربيك والقائم على شؤون كل حي، العليم بأدواره من يوم وجد حيا إلى أن يرمس ميتا، فالتعبير ب {ربك} تذكير بالتكوين واستمرار القيام على ما كون ومن كون..

{يحشرهم}، أي يجمعهم، وعبر ب (يحشرهم) للدلالة على كثرتهم ولقائهم في وقت واحد؛ لأن جمعهم كذلك في وقت واحد، ويكونون أمام الله تعالى في يوم واحد هون يوم تقوم الساعة وإن ذلك من دواعي حكمته، وعلمه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض، ولا في السماء؛ ولذا قال تعالى في مقام الآية الكريمة: {إنه حكيم عليم}..كما قال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون 115] وهو عليم أين يكونون، وعلى أي حال، ولو كانوا حجارة أو حديدا فسيعيدهم، إن عليم بكل شيء.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} في تحديده حركة المسؤولية في الحياة، ونتائجها في ما بعد، وفي علمه بكل ما أسرّوه وما أعلنوه.