{ وَلَيَعْلَمَنَّ الله } - تعالى - علما تاما { الذين آمَنُواْ } به حق الإِيمان { وَلَيَعْلَمَنَّ } حال المنافقين ، علما لا يخفى عليه شئ من حركاتهم وسكناتهم . وسيجازيهم بما يستحقون من عقاب . وأكد - سبحانه - علمه بلام القسم وبنون التوكيد ، للرد على دعاوى ضعاف الإِيمان بأقوى أسلوب ، وأبلغه ، حتى يقلوا عن نفاقهم ، ويتبعوا المؤمنين الصادقين فى ثباتهم .
( وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ) . .
وليكشفنهم فيعرفون ؛ فما كانت الفتنة إلا ليتبين الذين آمنوا ويتبين المنافقون .
ونقف لحظة أمام التعبير القرآني الدقيق وهو يكشف عن موضع الخطأ في هذا النموذج من الناس حين يقول : ( جعل فتنة الناس كعذاب الله ) . .
فليست الغلطة أن صبرهم قد ضعف عن احتمال العذاب ، فمثل هذا يقع للمؤمنين الصادقين في بعض اللحظات - وللطاقة البشرية حدود - ولكنهم يظلون يفرقون تفرقة واضحة في تصورهم وشعورهم بين كل ما يملكه البشر لهم من أذى وتنكيل ، وبين عذاب الله العظيم ؛ فلا يختلط في حسهم أبدا عالم الفناء الصغير وعالم الخلود الكبير ، حتى في اللحظة التي يتجاوز عذاب الناس لهم مدي الطاقة وجهد الاحتمال . . . إن الله في حس المؤمن لا يقوم له شيء ، مهما تجاوز الأذى طاقته واحتماله . . وهذا هو مفرق الطريق بين الإيمان في القلوب والنفاق .
وقوله : { وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } أي : وليختبرَنّ الله الناس بالضراء والسراء ، ليتميز هؤلاء من هؤلاء ، ومن يطيع الله في الضراء والسراء ، إنما يطيعه في حظ نفسه ، كما قال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } [ محمد : 31 ] ، وقال تعالى بعد وقعة أحد ، التي كان فيها ما كان من الاختبار والامتحان : { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } الآية [ آل عمران : 179 ] ، [ والله أعلم ]{[22497]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنّ الْمُنَافِقِينَ } .
يقول تعالى ذكره : وليعلمنّ الله أولياء الله ، وحزبه أهل الإيمان بالله منكم أيها القوم ، وليعلمنّ المنافقين منكم حتى يميزوا كلّ فريق منكم من الفريق الاَخر ، بإظهار الله ذلك منكم بالمحن والابتلاء والاختبار وبمسارعة المسارع منكم إلى الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام ، وتثاقل المتثاقل منكم عنها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.