تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (13)

وذلك لأنهم شاقوا الله ورسوله أي : حاربوهما وبارزوهما بالعداوة .

وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ومن عقابه تسليط أوليائه على أعدائه وتقتيلهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (13)

ثم بين سبحانه - السبب في تكليفه المؤمنين بمجاهدة الكافرين والإِغلاظ عليهم وقتلهم .

فقال - تعالى - { ذلك بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب } .

فاسم الإِشارة { ذلك } يعود إلى ما سبق بيانه من تأييد المؤمنين ، وأمرهم بضرب الكافرين . . وهو في محل رفع على الابتداء . وقوله { بِأَنَّهُمْ } خبره . والباء للسببية .

وقوله : { شَآقُّواْ } من المشاقة بمعنى المخالفة والمعاداة مشتقة من الشق - أي الجانب - فكل واحد من المتعاديين أو المتخالفين صار في شق غير شق صاحبه .

والمعنى : ذلك الذي ذكره الله - تعالى - فيما سبق ، من تأييده للمؤمنين وأمره إياهم بضرب الكافرين ، سببه أن هؤلاء الكافرين { شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ } أى : عاد وهما وخالفوا شرعهما : { وَمَن يُشَاقِقِ الله وَرَسُولَهُ } بأن يسير في غير الطريق الذي أمرا به ، { فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب } لهذا المادى والمخالف .

قال الآلوسى : وقوله : { فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب } إما نفس الجزاء ، وقد حذف منه العائد عند من يكتفى ولا يلتزم بالعائد في الربط . أى : شديد العقاب له . أو قائم مقام الجزاء المحذوف أى : يعاقبه الله - تعالى - فإن الله شديد العقاب . وأياما كان فالشرطية بيان للسببية السابقة بطريق برهانى . كأنه قيل : ذلك العقاب الشديد المشاقة لله - تعالى - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وكل من يشاقق الله ورسوله كائنا من كان ، فله بسبب ذلك عقاب شديد ، فإن لهم بسبب مشاقة الله ورسوله عقابا شديدا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (13)

( ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله . ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ) . .

إنها ليست فلتة عارضة ، ولا مصادفة عابرة ، أن ينصر الله العصبة المسلمة ، وأن يسلط على أعدائها الرعب والملائكة مع العصبة المسلمة . . إنما ذلك لأنهم شاقوا الله ورسوله ، فاتخذوا لهم شقاً غير شق الله ورسوله ، وصفا غير صف الله ورسوله . ووقفوا موقف الخلف والمشاقة هذا يصدون عن سبيل الله ، ويحولون دون منهج الله للحياة .

( ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ) . .

ينزل عقابه الشديد على الذين يشاقونه ويشاقون رسوله . وهو قادر على عقابهم وهم أضعف من أن يقفوا لعقابه . .

قاعدة وسنة . لا فلتة ولا مصادفة . قاعدة وسنة أنه حيثما انطلقت العصبة المسلمة في الأرض لتقرير ألوهية الله وحده ، وإقامة منهج الله وحده ، ثم وقف منها عدوّ لها موقف المشاقة لله ورسوله ، كان التثبيت والنصر للعصبة المسلمة ، وكان الرعب والهزيمة للذين يشاقون الله ورسوله . ما استقامت العصبة المسلمة على الطريق ، واطمأنت إلى ربها ، وتوكلت عليه وحده ، وهي تقطع الطريق .

وفي نهاية المشهد يتوجه بالخطاب إلى أولئك الذين شاقوا الله ورسوله . . إن هذا الذي حل بكم في الدنيا من الرعب والهزيمة ليس نهاية المطاف . فأمر هذا الدين والحركة به والوقوف في طريقه ، ليس أمر هذه الأرض وحدها ، ولا أمر هذه الحياة الدنيا بمفردها . . إنه أمر ممتد إلى ما وراء هذه الأرض ، وإلى ما بعد هذه الحياة . . إن أبعاده تمتد وراء هذه الآماد القريبة :