تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ} (55)

{ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ } أي : أيظنون أن زيادتنا إياهم بالأموال والأولاد ، دليل على أنهم من أهل الخير والسعادة ، وأن لهم خير الدنيا والآخرة ؟ وهذا مقدم لهم ، ليس الأمر كذلك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ} (55)

ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك فى السخرية منهم لغفلتهم عن هذا المصير المحتوم ، الذى سيفاجئهم بما لا يتوقعون . فيقول : { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } .

والهمزة فى قوله { أَيَحْسَبُونَ } للاستفهام الإنكارى . و " ما " موصولة ، وهى اسم " أن " وخبرها جملة " نسارع لهم .

. . " والرابط مقدر أى : به .

أى : أيزن هؤلاء الجاهلون . أن ما نعطيهم إياه من مال وبنين ، هو من باب المسارعة منا فى إمدادهم بالخيرات لرضانا عنهم وإكرامنا لهم ؟ كلا : ما فعلنا معهم ذلك لتكريمهم ، وإنما فعلنا ذلك معهم لاستدراجهم وامتحانهم ، ولكنهم لا يشعرون بذلك . ولا يحسون به لانطماس بصائرهم ولاستيلاء الجهل والغرور على نفوسهم .

فقوله - سبحانه - { بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } إضراب انتقالى عن الحسبان المذكور وهو معطوف على مقدر ينسحب إليه الكلام .

أى : ما فعلنا ذلك معهم لإكرامنا إياهم كما يظنون ، بل فعلنا ما فعلنا استدارجا لهم ، ولكنهم لا يشعرون لهم ولا إحساس ، وما هم إلا كالأنعام بل هم أضل .

لذا قال بعض الصالحين : من يعص الله - تعالى - ولم ير نقصاناً فيما أعطاه - سبحانه - من الدنيا . فليعلم أنه مستدرج قد مكر به .

وشبيه بهاتين الآيتين قوله - تعالى - : { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بهذا الحديث سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ} (55)

وقوله : أيَحْسَبُونَ أنّما نُمِدّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينٍ يقول تعالى ذكره : أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين فرقوا دينهم زُبُرا ، أن الذي نعطيهم في عاجل الدنيا من مال وبنين نُسارِعُ لَهُمْ يقول : نسابق لهم في خيرات الاَخرة ، ونبادر لهم فيها ؟ و «ما » من قوله : أنّمَا نُمِدّهُمْ بهِ نصب ، لأنها بمعنى «الذي » . بَلْ لا يَشْعُرُونَ يقول تعالى ذكره تكذيبا لهم : ما ذلك كذلك ، بل لا يعلمون أن إمدادي إياهم بما أمدّهم به من ذلك ، إنما هو إملاء واستدراج لهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أنّمَا نُمِدّهُمْ قال : نعطيهم ، نسارع لهم ، قال : نَزيدهم في الخير ، نُمْلي لهم ، قال : هذا لقريش .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمر بن عليّ ، قال : ثني أشعث بن عبد الله ، قال : حدثنا شعبة ، عن خالد الحذّاء ، قال : قلت لعبد الرحمن بن أبي بكرة ، قول الله : نُسارِعُ لَهُمُ فِي الخَيْرَاتِ ؟ قال : يسارع لهم في الخيرات .

وكأن عبد الرحمن بن أبي بكرة وجه بقراءته ذلك كذلك ، إلى أن تأويله : يسارع لهم إمدادنا إياهم بالمال والبنين في الخيرات .