تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ} (5)

المفردات :

الوحوش حشرت : جمعت من كل صوب .

التفسير :

5- وإذا الوحوش حشرت .

تحشر الوحوش ذليلة كسيرة ، لا لجرم ارتكبت ، ولكن حشرها هول الموقف ، لقد فقدت خاصيّتها وهي الافتراس أو الفرار من البشر ، لكنها حشرت من هول الموقف ، ومن تصدّع الكون ، ومن الانفجار العظيم الذي تتزلزل معه الأرض ، وتنشق السماوات ، وتسيّر الجبال ، وتكوّر الشمس ، وتنكدر النجوم ، وتبدّل الأرض غير الأرض والسماوات ، وبرز الجميع لله الواحد القهار ، تحشر الحيوانات حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء ، كم ورد في صحيح مسلم .

ومن المفسرين من ذهب إلى أن المراد اشتداد الهول ، وأنه لا حشر ولا حساب إلا للثقلين الإنس والجن ، حيث أودع الله فيهما العقول والإرادة والاختيار والتكليف .

قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ( الذاريات : 56 ) .

ويقول حجة الإسلام وجماعة : الحديث المروي عن مسلم والترمذي ، وإن كان صحيحا ، إلا أنه لم يخرج مخرج التفسير للآية ، ويجوز أن يكون كناية عن العدل التام .

ويقول فريق آخر من المفسرين : نؤمن بالآية وبالقرآن كما ورد ، ونصدّق أن الوحوش ستحشر كما ذكر القرآن صراحة ، ولا نوافق على التأويل .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ} (5)

ولما{[71836]} ذكر المقرعات الدالات على إرادة أمر عظيم ، قرب ذلك الأمر بإفهام أنه الحشر ، ودل على عمومه بذكر ما يظن إهماله فقال : { وإذا الوحوش } أي دواب البر التي لا تأنس بأحد التي يظن أنه لا عبرة بها ولا التفات إليها فما ظنك بغيرها { حشرت } أي بعثت وجمعت من كل أوب قهراً لإرادة العرض على الملك الأعظم والفصل فيما بينها في أنفسها{[71837]} حتى يقتص للجماء من القرناء وبينها{[71838]} وبين غيرها{[71839]} أيضاً حتى يسأل العصفور قاتله ، لم قتله ؟ قال قتادة{[71840]} : يحشر كل شيء للقصاص حتى الذباب - انتهى . ولا يستوحش الوحش-{[71841]} من الناس ولا الناس من الوحوش من شدة الأهوال ، وذلك أهول وأفزع وأخوف وأفظع ، قال القشيري : ولا يبعد أن يكون ذلك بإيصال منافع إليها جوازاً لا وجوباً كما قاله أهل البدع - انتهى . وكل شيء في الدنيا يحضر في تلك الدار ، فإذا وقع الفصل جعل الخبيث في جهنم زيادة في عذاب أهلها ، والطيب في الجنة زيادة في نعيم أهلها .


[71836]:من.
[71837]:من م، وفي ظ: أنفسهما.
[71838]:من م، وفي ظ: بينهما.
[71839]:من م، وفي ظ: غيرهما.
[71840]:راجع البحر المحيط 8/432.
[71841]:زيد من م.