فسبّح باسم ربك : نزّهه عمّا لا يليق به تعالى .
نزّه ربك تنزيها مصحوبا بكب ما يليق به من طاعة وإخلاص ، ومواظبة على مراقبته وتقواه .
وتنزيه الاسم الكريم ، تنزيه للذات العليّة ، فهو سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص ، متصف بكل كمال ، مستحق للحمد والذكر والشكر على أنعمه ، وعلى إنزاله القرآن العظيم مشتملا على صنوف الهداية .
وفي الحديث الشريف : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ) . xii .
وفي الأثر : ( الباقيات الصالحات هي : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) .
i أ . كريس موريسون ، رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك . في كتابه المترجم بعنوان ( العلم يدعو إلى الإيمان ) .
ii انظر بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ، للفيروزبادي 1/478 .
iii نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور :
اه البخاري في الجمعة ( 1035 ) وفي بدء الخلق ( 3205 ) وفي أحاديث الأنبياء ( 3344 ) وفي المغازي ( 4105 ) ومسلم في صلاة الاستسقاء ( 900 ) وأحمد في مسنده ( 1956 ) من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور ) .
iv مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، دار الصابوني القاهرة ، ص542 مجلد 3 .
v تفسير القاسمي ، تحقيق أ . محمد فؤاد عبد الباقي ، المجلد 7 ص170 ، دار إحياء التراث العربي ، بيرون لبنان .
vi يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات :
رواه الترمذي في صفة القيامة ( 2425 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما العرضة الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ) . قال الترمذي : ولا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة ، وقد رواه بعضهم عن علي الرفاعي عن الحسن عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ورواه ابن ماجة في الزهد ( 4277 ) وأحمد في مسنده ( 19216 ) من حديث أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ) . قال الترمذي : ولا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي موسى .
vii في ظلال القرآن الجزء 28 ص254 .
viii في ظلال القرآن ، الجزء 29 ص255 ، الطبعة السادسة ، بدون ذكر اسم المطبعة أو تاريخ الطبع .
ix أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا :
ذكره القرطبي في تفسيره فقال : وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا ، ويصحون فلا يمرضون أبدا ، وينعمون فلا يرون بؤسا أبدا ، ويشبون فلا يهرمون أبدا ) .
فنسبه للصحيح ولم أره بهذا اللفظ في الصحيحين ولا السنن ، فليحرر .
جزء من حديث ، رواه البخاري في الجهاد والسير ( 2790 ) ، وفي التوحيد ( 7432 ) ، وأحمد ( 7863 ، 7214 ، 8269 ) ، من حديث أبي هريرة مرفوعا : ( من آمن بالله وبرسوله . . . ) الحديث . ورواه الترمذي في صفة الجنة ( 2529 ) ، وأحمد ( 21582 ) ، من حديث معاذ بن جبل مرفوعا : ( من صام رمضان وصلى الصلوات . . . ) الحديث . ورواه الترمذي أيضا في صفة الجنة ( 2530 ) ، وأحمد ( 22187 ، 22232 ) ، من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا : ( في الجنة مائة درجة . . . ) الحديث . وأشار الترمذي إلى أن حديث معاذ أصح من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنهما .
xi مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، المجلد الثالث ص546 .
xii كلمتان خفيفتان على اللسان :
رواه البخاري في الدعوات ( 6406 ) وفي الأيمان والنذور ( 6682 ) ومسلم في الذكر والدعاء ( 2694 ) والترمذي في الدعوات ( 3467 ) وابن ماجة في الأدب ( 3806 ) وأحمد في مسنده ( 7127 ) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمان : سبحان الله العظيم ، سبحان الله وبحمده ) .
ولما كان البعث لهذا المقصد من أعظم الكمال ، وكان عدمه موجباً للنقص ، سبب عن كلا الأمرين إشارة وعبارة قوله آمراً بعد الإخبار في أول المسبحات : { فسبح } أي أوقع التنزيه الكامل عن{[68225]} كل شائبة نقص { باسم } أي بسبب علمك بصفات { ربك } أي الموجد والمربي لك والمحسن إليك بأنواع الإحسان { العظيم * } الذي ملأت الأقطار كلها عظمته ، وزادت على ذلك بما شاءه سبحانه مما لا تسعه العقول لا سيما عن قولهم : لن يعيدنا ، فإنه سبحانه وتعالى قادر على ذلك لا يعجزه شيء ، وقد وعد بذلك وهو صادق الوعد ، وعدم البعث مخل بالحكمة لظلم أكثر الناس ، وفيه إشارة إلى المتاركة ، وتعجيب من حالهم في تصميمهم على الكذب والعناد ، والجلد على الجدل والفساد ، فقد رجع آخر السورة على أولها بإحقاق الحاقة لنفي ما وقع الخبط فيه في دار الاحتجاب بالأسباب من مواقع النقص ومظنات اللبس ، فيثبت الحق وينفي الباطل فيفرق بين المحسن والمسيء والسعيد والشقي ، فيحق السلام لحزب الرحمن ، ويثبت{[68226]} الهلاك لأصحاب الشيطان ، ويظهر اسمه الظاهر لكل مؤمن وكافر ، إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب {[68227]}والله الهادي{[68228]} .
فقد رجع آخر السورة على أولها بإحقاق الحاقة لنفي ما وقع الخبط فيه في دار الاحتجاب بالأسباب من مواقع النقص ومظنات اللبس ، فيثبت الحق وينفي الباطل فيفرق بين المحسن والمسيء والسعيد والشقي ، فيحق السلام لحزب الرحمن ، ويثبت الهلاك لأصحاب الشيطان ، ويظهر اسمه الظاهر لكل مؤمن وكافر ، إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب والله الهادي .