تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱبۡنُواْ لَهُۥ بُنۡيَٰنٗا فَأَلۡقُوهُ فِي ٱلۡجَحِيمِ} (97)

95

المفردات :

الجحيم : النار الشديدة الإيقاد .

التفسير :

97- { قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم } .

هكذا الباطل ورجاله ، عندما يغلبهم الحق بالمنطق والحجة والدليل ، بأنّ الله هو الصانع الحقيقي لكل شيء في الكون ، حتى الإنسان وعقله ويده ومداركه وصنعته ، فهو المستحق للعبادة ، أما الأصنام فإنها مصنوعة لا صانعة ، والإله الحق صانع لا مصنوع .

أي عندما قهرهم إبراهيم بالحجة تعمدوا إفحامه بالقوة ، فعزموا على بناء بنيان يجمع فيه الحطب ، وتضرم فيه النيران ، ويلقى إبراهيم في وسط النيران ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه الخروج عليهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱبۡنُواْ لَهُۥ بُنۡيَٰنٗا فَأَلۡقُوهُ فِي ٱلۡجَحِيمِ} (97)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال قوم إبراهيم لما قال لهم إبراهيم:"أتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ" ابنُوا لإبراهيم بنيانا، ذُكر أنهم بنوا له بنيانا يشبه التّنّور، ثم نقَلوا إليه الحطب، وأوقدوا عليه، "فأَلْقُوهُ في الجَحِيمِ "والجحيم عند العرب: جمر النار بعضُه على بعض، والنار على النار.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

واعلم أن إبراهيم عليه السلام لما أورد عليهم هذه الحجة القوية ولم يقدروا على الجواب عدلوا إلى طريق الإيذاء فقالوا:"ابنوا له بنيانا" واعلم أن كيفية ذلك البناء لا يدل عليها لفظ القرآن...

{فألقوه في الجحيم} وهي النار العظيمة، قال الزجاج: كل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم، والألف واللام في الجحيم يدل على النهاية، والمعنى في جحيمه، أي في جحيم ذلك البنيان.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان السامع يعلم أنهم لا بد وأن يجيبوه بشيء فتشوف إلى ذلك، أجيب بقوله:

{قالوا ابنوا له} أي لأجله.

{بنياناً} أي من الأحطاب حتى تصير كالجبل العظيم، فاحرقوها حتى يشتد لهبها جداً فيصير جحيماً.

{فألقوه في} ذلك {الجحيم} وهي على أشد ما يكون إيقاداً.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

مع وضوح هذا المنطق وبساطته، إلا أن القوم في غفلتهم وفي اندفاعهم لم يستمعوا له -ومتى استمع الباطل إلى صوت الحق البسيط؟- واندفع أصحاب الأمر والنهي فيهم يزاولون طغيانهم في صورته الغليظة: (قالوا: ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم).. إنه منطق الحديد والنار الذي لا يعرف الطغاة منطقاً سواه؛ عندما تعوزهم الحجة وينقصهم الدليل، وحينما تحرجهم كلمة الحق الخالصة ذات السلطان المبين.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

صحيح أنّ كميّة قليلة من الحطب كانت تكفي لحرق إنسان كإبراهيم، لكنّهم فعلوا ذلك ليطفؤوا غيظ قلوبهم من جرّاء تحطيم أصنامهم، وبمعنى آخر الانتقام من إبراهيم بأشدّ ما يمكن، لعلّهم بذلك يعيدون العظمة والأبّهة لأصنامهم، إضافةً إلى أنّ عملهم هذا كان تخويفاً وتحذيراً لمعارضيهم، كي لا تتكرّر مثل هذه الحادثة مرّة أخرى في تاريخ بابل، لذلك فقد أوقدوا ناراً عظيمة.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱبۡنُواْ لَهُۥ بُنۡيَٰنٗا فَأَلۡقُوهُ فِي ٱلۡجَحِيمِ} (97)

قوله تعالى : " قالوا ابنوا له بنيانا " أي تشاوروا في أمره لما غلبهم بالحجة حسب ما تقدم في " الأنبياء " {[13275]} بيانه ف " قالوا ابنوا له بنيانا " تملؤونه حطبا فتضرمونه ، ثم ألقوه فيه وهو الجحيم . قال ابن عباس : بنوا حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا ، وملأوه نارا وطرحوه فيها . وقال ابن عمرو بن العاص : فلما صار في البنيان قال : حسبي الله ونعم الوكيل . والألف واللام في " الجحيم " تدل على الكناية ، أي في جحيمه ، أي في جحيم ذلك البنيان . وذكر الطبري : أن قائل ذلك اسمه الهيزن{[13276]} رجل من أعراب فارس وهم الترك ، وهو الذي جاء فيه الحديث : ( بينما رجل يمشى في حلة له يتبختر فيها فخسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ) والله أعلم .


[13275]:راجع ج 11 ص 303 طبعة أولى أو ثانية.
[13276]:تقدّم في ج 11 ص 303 أن اسمه هيزر.