تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

{ ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا } .

المفردات :

ضعفين : مثلين .

ألهنهم لعنا : عذبهم وأبعدهم بلعن هو أشد اللعن وأعظمه .

كبيرا : أي عدده أو عظيما .

التفسير :

أي أعط لهؤلاء الرؤساء والقادة والأئمة في الكفر ضعفي عذابنا فضعف لكفرهم وضعف لإضلال الناس وغوايتهم ، وأبعدهم ربنا من رحمتك بعدا عظيما سحيقا لا أمل في رحمة بعده وهم بهذا إنما ينفسون عما في أنفسهم من غيظ وغضب ، والسعيد من شمله الله برحمته والشقي من لعنه وطرده من رحمته .

روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو أن أبا بكر قال : " يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : " قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " . 73

وذكر ابن كثير أن هذه الآية تقرأ ( لعنا كبيرا ) وتقرأ ( لعنا كثيرا ) وهما بمعنى واحد .

***

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا} (68)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"رَبّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العَذَابِ" يقول: عذّبهم من العذاب مِثْلَي عذابنا الذي تعذّبنا، "وَالْعَنْهُمْ لَعْنا كَبيرا" يقول: واخزهم خزيا كبيرا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ظنوا أن يكون لهم بعض التسلي والتفريج إذا رأوا أولئك الذين أضلوهم في زيادة من العذاب، على ما يكون للرجل بعض التسلي إذا رأى عدوه في بلاء وشدة؛ فلما لم يكن لهم من ذلك تسل، بل كان لهم من ذلك زيادة عذاب وشدة، قالوا عند ذلك: {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} [الزخرف: 38].

{والعنهم لعنا كبيرا}: أي عذبهم عذابا كبيرا طويلا.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{ضعفين والعنهم لعنا كبيرا} معنى لطيف وهو أن الدعاء لا يكون إلا عند عدم حصول الأمر المدعو به، والعذاب كان حاصلا لهم واللعن كذلك، فطلبوا ما ليس بحاصل وهو زيادة العذاب بقولهم: {ضعفين} وزيادة اللعن بقولهم: {لعنا كبيرا}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{والعنهم لعناً كثيراً} أي اطردهم عن محال الرحمة طرداً متناهياً في العدد.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وإعادة النداء في قولهم: {ربنا آتهم ضعفين من العذاب} تأكيد للضراعة والابتهال وتمهيد لقبول سؤلهم حتى إذا قبل سؤلهم طمعوا في التخلص من العذاب الذي ألقوهُ على كاهل كبرائهم. والضِعف بكسر الضاد: العدد المماثل للمعدود، فالأربعة ضعف الاثنين. ولما كان العذاب معنى من المعاني لا ذاتاً كان معنى تكرير العدد فيه مجازاً في القوة والشدة. وتثنية {ضعفين} مستعملة في مطلق التكرير كناية عن شدة العذاب كقوله تعالى: {ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير} [الملك: 4] فإن البصر لا يخسَأ في نظرتين، ولذلك كان قوله هنا: {آتهم ضعفين من العذاب} مساوياً لقوله: {فآتهم عذاباً ضعفاً من النار} في سورة الأعراف [38]. وهذا تعريض بإلقاء تبعة الضلال عليهم، وأن العذاب الذي أعدّ لهم يسلط على أولئك الذين أضلّوهم. ووُصف اللعن بالكثرة كما وصف العذاب بالضعفين إشارة إلى أن الكبراء استحقوا عذاباً لكفرهم وعذاباً لتسببهم في كفر أتباعهم. فالمراد بالكثير الشديد القوي، فعبر عنه بالكثير لمشاكلة معنى التثنية في قوله: {ضعفين} المراد به الكثرة. وقد ذكر في الأعراف جوابهم من قِبل الجلالة بقوله: {قال لكل ضعف} [الأعراف: 38] يعني أن الكبراء استحقوا مضاعفة العذاب لضلالهم وإضلالهم وأن أتباعهم أيضاً استحقوا مضاعفة العذاب لضلالهم ولتوسيد سادتهم وطاعتهم العمياء إياهم.