تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

19

{ ولا الظلمات ولا النور* ولا الظل ولا الحرور }

المفردات :

ولا الظلمات ولا النور : مثل للباطل والحق .

التفسير :

ولا تستوي ظلمات الباطل وفنونه مع نور الحق وهدايته وجمع الظلمات مع إفراد النور لتعدد فنون الباطل مع اتحاد سبل الحق . .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

" ولا الظلمات ولا النور " قال الأخفش سعيد : " لا " زائدة ، والمعنى ولا الظلمات والنور ، ولا الظل والحرور . قال الأخفش : والحرور لا يكون إلا مع شمس النهار ، والسموم يكون بالليل ، أو قيل بالعكس . وقال رؤبة بن العجاج : الحرور تكون بالنهار خاصة ، والسموم يكون بالليل خاصة ، حكاه المهدوي . وقال الفراء : السموم لا يكون إلا بالنهار ، والحرور يكون فيهما . النحاس : وهذا أصح ؛ لأن الحرور فعول من الحر ، وفيه معنى التكثير ، أي الحر المؤذي .

قلت : وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قالت النار رب أكل بعضي بعضا فأذن لي أتنفس ، فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم ، وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم ) . وروي من حديث الزهري عن سعيد عن أبي هريرة : ( فما تجدون من الحر فمن سمومها وشدة ما تجدون من البرد فمن زمهريرها ) وهذا يجمع تلك الأقوال ، وأن السموم والحرور يكون بالليل والنهار ، فتأمله . وقيل : المراد بالظل والحرور الجنة والنار ، فالجنة ذات ظل دائم ، كما قال تعالى : " أكلها دائم وظلها " {[13139]} [ الرعد : 35 ] والنار ذات حرور ، وقال معناه السدي . وقال ابن عباس : أي ظل الليل ، وحر السموم بالنهار . قطرب : الحرور الحر ، والظل البرد .


[13139]:راجع ج 9 ص 324.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

ولما كان هذا من أغرب الأمور وإن غفل عنه لكثرة إلفه ، نبه على غرابته ومزيد ظهور القدرة فيه بتكرير النافي في أشباهه وعلى أن الصبر لا ينفذ إلا في الظلمة ، تنبيهاً على أن المعاصي تظلم قلب المؤمن وإن كان بصيراً ، وقدم الظلمة لأنها أشد إظهاراً لتفاوت البصر مع المناسبة للسياق على ما قرر ، فقال في عطف الزوج على الزوج وعطف الفرد على الفرد جامعاً تنبيهاً على أن طرق الضلال يتعذر حصرها : { ولا الظلمات } التي هي مثال للأباطيل ؛ وأكد بتكرير النافي كالذي قبله لأن المفاوتة بين أفراد الظلمة وأفراد النور خفية ، فقال منبهاً على أن طريق الحق واحدة تكذيباً لمن قال من الزنادقة : الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق : { ولا النور * } الذي هو مثال للحق ، فما أبدعهما على هذا التضاد إلا الله تعالى الفاعل المختار ، وفاوت بين أفراد النور وأفراد الظلمة ، فما يشبه نور الشمس نور القمر ولا شيء منهما نور غيرهما من النجوم ولا شيء من ذلك نور السراج - إلى غير ذلك من الأنوار ، وإذا اعتبرت أفراد الظلمات وجدتها كذلك ، فإن الظلمات إنما هي ظلال ، وبعض الظلال أكثف من بعض .