اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

و «لا » في قوله : { وَلاَ الظلمات } إلى آخره مكررة لتأكيد النفي{[45221]} وقال ابن عطية : دخول «لا » إنما هو على نية التكرار كأنه قال : ولا الظلمات والنور ولا النور{[45222]} والظلمات فاستغنى بذكر الأوائل عن الثَّوَانِي ودل مذكور الكلام على متروكه ؟ قال أبو حيان : وهذا غير محتاج إليه لأنه إذا نفي استواؤهما أولاً فأي فائدة في نفي{[45223]} استوائهما ثانياً ؟ وهو كلام حسن إلا أن أبا حيان هنا قال : فدخول «لا » في النفي لتأكيد معناه{[45224]} كقوله : { وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة } [ فصلت : 34 ] وللناس في هذه الآية قولان :

أحدهما : ما ذكر .

والثاني : أنها غير مؤكدة إذ يراد بالحسنة الجنس وكذلك السَّيِّئة فكل واحد منهما متفاوت في جنسه لأن الحسنات درجات متفاوتة وكذلك السيئات{[45225]} وسيأتي تحقيق هذا إن شاء الله تعالى . فعلى هذا يمكن أن يقال بهذا هنا{[45226]} في الظاهر ؛ إذ المراد مقابلة هذه الأجناس بعضها ببعض لا مقابلة بعض أفراد كل جنس على حدته ويرجح هذا الظاهر التصريح بهذا في قوله أولاً : { وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير } حيث لم يكررها وهذا من المواضع الحسنة المفيدة .

/خ22


[45221]:المرجع السابق وانظر أيضا: البحر المحيط لأبي حيان 7/308 .
[45222]:نقله عنه الإمام أبو حيان في البحر المرجع السابق. وقال أبو البقاء في التبيان: ((لا)) فيها زائدة لأن المعنى: الظلمات لا تساوي النور، وليس المراد أن النور في نفسه لا يستوي وكذلك (لا) في ((ولا الأموات)). انظر: التبيان 1074 .
[45223]:في البحر: ((في تقدير نفي)) .
[45224]:قال: ((وأنت تقول: ما قام زيد ولا عمرو فتؤكد بلا معنى النفي فكذلك هذا)). البحر 7/308.
[45225]:قاله الكشاف 3/306 معنى والدر المصون 4/474 لفظا .
[45226]:وهو أن المراد نفي استواء الظلمات ونفي استواء النور إلا أن هذا غير مراد هنا في الظاهر وانظر: الدر المصون 4/474 والكشاف 3/453 و454 .