تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

22

المفردات :

بالحق : بالتوحيد .

التفسير :

37-{ بل جاء بالحق وصدق المرسلين } .

ردّ الله عليهم افتراءهم وزعمهم أن محمدا شاعر مجنون ، فبيّن سبحانه أن هذا الرسول الأمين جاء بالقرآن الكريم ، الذي أنزله الله بالحق ، وبالحق نزل .

{ وصدق المرسلين } . الذين أرسلهم الله فقصّ سيرتهم وسجّل كفاحهم ، وبيّن أن جميع الرسل تعرضوا للبلاء والاختبار ، قال تعالى : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك . . . }[ فصلت : 43 ] .

وقال عز شأنه : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل . . . } [ الأحقاف : 35 ] .

وقد جاء في القرآن والسنة ما يفيد أن المسلم مطالب بالإيمان بالرسل والكتب السابقة ، فجميع الرُّسل دعوا إلى التوحيد ، وحثوا على مكارم الأخلاق ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون الناس يطوفون بالدار ، ويقولون : ما أجمل هذه الدار لو وضعت هذه اللبنة ، فأنا هذه اللبنة ، وأنا خاتم الرسل " {[542]} . رواه البخاري

وقال صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء إخوة لعلاّت {[543]} ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد " {[544]} رواه البخاري .

وقال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له ، مسلمون } [ البقرة : 136 ] .

وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " {[545]}


[542]:إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا: رواه البخاري في المناقب (3534، 3535) ومسلم في الفضائل (2286) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل من بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ".
[543]:العلات: الضرائر، شبه الرّسل بأبناء الضرائر، أمهاتهم متعددة، وأبوهم واحد، وكذلك الرسل رسالاتهم متعددة، ودينهم واحد، يدعوا إلى التوحيد ومكارم الأخلاق، فالله سبحانه وتعالى أرسلهم جميعا، وتميز كل رسول بهداية قومه، ودعوتهم إلى مكارم الخلاق، ومحاربة الرذائل المتفشية بينهم.
[544]:الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (2443) وأحمد في مسنده(9017) من حديث أبي هريرة قال قال:رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة والأنبياء، إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد ".
[545]:إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق: رواه أحمد في مسنده (8595) من حديث أبي هريرة.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

فرد الله جل وعز عليهم فقال : " بل جاء بالحق " يعني القرآن والتوحيد " وصدق المرسلين " فيما جاؤوا به من التوحيد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

ولما كان مرادهم بذلك أن كلامه باطل ، فإن أكثر كلام الشاعر غلو وكذب وكلام المجنون تخليط ، كان كأنه قال في جوابهم : إنه لم يجىء بشعر ولا بجنون : { بل جاء بالحق } أي الكامل في الحقية .

ولما كان ما جاء به أهلاً لكونه حقاً لأن يقبل وإن خالف جميع أهل الأرض ، وكان موافقاً مع ذلك لمن تقرر صدقهم واشتهر اتباع الناس لهم ، فكان أهلاً لأن يقبله هؤلاء الذين أنزلوا أنفسهم عن أوج معرفة الرجال بالحق إلى حضيض معرفة الحق على زعمهم بالرجال ، فكان مآل أمرهم التقليد قال : { وصدق المرسلين * } أي الذين علم كل ذي لب أنهم أكمل بدور أضاء الله بهم الأكوان في كل أوان ، وتقدم في آخر سورة فاطر أنهم عابوا من كذبهم { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم أحد منهم ليؤمنن به فكذبوا } بأن كذبوا سيدهم بهذا الكلام المتناقض .