تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

تهديد الكفار وتوعدهم

{ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا 10 وذرني والمكذبين أولي النّعمة ومهّلهم قليلا 11 إنّ لدينا أنكالا وجحيما 12 وطعاما ذا غصّة وعذابا أليما 13 يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا 14 إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا 15 فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا 16 فكيف تتّقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا 17 السماء منفطر به كان وعده مفعولا 18 إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 19* }

المفردات :

هجرا جميلا : اعتزالا حسنا لا جزع فيه .

10

التفسير :

6- واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا .

اصبر يا محمد على ما يقولون في حقك وحق ربك ، فقد قالوا : شاعر وكاهن ومجنون ، ويختلق أساطير الأولين ، كما قالوا عن الله : إن له صاحبة ، وإن له ولدا . أي تذرع بالصبر ، فالداعية محتاج إليه ليبلّغ دعوته ، ومحتاج إلى الصبر في تحمّل الأذى .

قال تعالى : فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل . . . ( الأحقاف : 35 ) .

واهجرهم هجرا جميلا .

أي : بلّغ دعوتك إليهم ، وليس عليك هداهم ، إن عليك إلا البلاغ ، ثم تنحّ

عنهم ، ولا ترد على أذاهم ، ولا تقابل الإساءة بمثلها ، والهجر الجميل هو الذي لا عتاب معه .

قال الإمام الرازي :

والمعنى : إنّك لمّا اتخذتني وكيلا ، فاصبر على ما يقولون ، وفوّض أمرهم إليّ ، واعلم أن مهمات العباد محصورة في أمرين : في كيفية معاملتهم مع الله ، وقد ذكر سبحانه ذلك في الآيات السابقة ، وفي كيفية معاملتهم مع الخلق ، وقد جمع سبحانه وتعالى كل ما يحتاج إليه في هذا الباب في هاتين الكلمتين .

وذلك لأن الإنسان إما أن يكون مخالطا للناس ، أو مجانبا لهم ، فإن كان مخالطا لهم فعليه أن يصبر على إيذائهم . . . وإن كان مجانبا لهم فعليه أن يهرجهم هجرا جميلا . . . بأن يجانبهم بقلبه وهواه ، ويخالفهم في أفعالهم ، مع المداراة والإغضاء . اه .

وقال أبو الدرداء : إنا لنبشّ في وجوه أقوام ونضحك إليهم ، إن قلوبنا لتبغضهم أو لتلعنهم .

والمؤمن محتاج إلى الحكمة وإلى حسن التصرّف ، وفعل الأمر المناسب في الوقت المناسب .

قال تعالى : يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذّكر إلا أولوا الألباب . ( البقرة : 269 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

فلما أمره الله بالصلاة خصوصا ، وبالذكر عموما ، وذلك يحصل للعبد ملكة قوية في تحمل الأثقال ، وفعل الثقيل{[1263]}  من الأعمال ، أمره بالصبر على ما يقول فيه المعاندون له ويسبونه ويسبون ما جاء به ، وأن يمضي على أمر الله ، لا يصده عنه صاد ، ولا يرده راد ، وأن يهجرهم هجرا جميلا ، وهو الهجر حيث اقتضت المصلحة الهجر الذي لا أذية فيه ، فيقابلهم{[1264]}  بالهجر والإعراض عنهم وعن أقوالهم التي تؤذيه ، وأمره بجدالهم بالتي هي أحسن .


[1263]:- في ب: وفعل المشق.
[1264]:- في ب: بل يعاملهم.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

{ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً } نسختها آية القتال .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

{ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا } وهو أن لا تتعرض لهم ولا تشتغل بمكافآتهم وهذه الآية نسختها آية القتال

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

قوله تعالى : " واصبر على ما يقولون " أي من الأذى والسب والاستهزاء ، ولا تجزع من قولهم ، ولا تمتنع من دعائهم . " واهجرهم هجرا جميلا " أي لا تتعرض لهم ، ولا تشتغل بمكافأتهم ، فإن في ذلك ترك الدعاء إلى الله . وكان هذا قبل الأمر بالقتال ، ثم أمر بعد بقتالهم وقتلهم ، فنسخت آية القتال ما كان قبلها من الترك ، قاله قتادة وغيره . وقال أبو الدرداء : إنا لنكشر في وجوه ( أقوام{[15518]} ) ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتقليهم أو لتلعنهم .


[15518]:الزيادة من نهاية ابن الأثير.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

ولما كانت الوكالة لا تكون إلا فيما يعجز ، وكان الأمر بها مشيراً إلى-{[69479]} أنه لا بد أن يكون عن-{[69480]} هذا القول الثقيل خطوب طوال وزلازل وأهوال ، قال : { واصبر } وأشار إلى عظمة الصبر بتعديته بحرف الاستعلاء فقال : { على ما } وخفف الأمر بالإشارة إلى أنهم لا يصلون{[69481]} إلى غير الأذى بالقول ، وعظمه-{[69482]} باستمرارهم عليه فقال : { يقولون } أي المخالفون المفهومون من الوكالة من مدافعتهم الحق بالباطل في حق الله وحقك .

ولما كانت مجانبة البغيض إلا عند الاضطرار مما يخفف من أذاه قال : { واهجرهم } أي أعرض عنهم جهاراً دافعاً للهرج مهما أمكن { هجراً جميلاً * } بأن تعاشرهم بظاهرك وتباينهم بسرك وخاطرك ، فلا تخالطهم إلا فيما أمرك الله به على ما حده لك من دعائهم إليه سبحانه ومن موافاتهم في أفراحهم وأحزانهم فتؤدي حقوقهم ولا تطالبهم بحقوقك لا تصريحاً ولا تلويحاً .


[69479]:زيد من ظ و م.
[69480]:زيد من ظ و م.
[69481]:زيد من ظ و م.
[69482]:من ظ و م، وفي الأصل: لا يصلوك.